كدابين الزفة..!!
تعبير عامي مصري غاية في البلاغة ويغني عن صفحات من الوصف والتشبيه ،وهو يطلق عادة على المنافقين والمصلحيين الذين يبالغون في إظهار عواطفهم الكاذبة بشكل أكبر من صاحب الفرح نفسه ،وقد آثرت أن يكون هذا التعبير بكل عبله عنوانا لمقالتي هذه.. والسبب يبطل العجب لو تفضلت عزيزي القارئ ودخلت على مهل برجلك اليمين في طيات هذه العجالة. بات معروفا لكل ذي بصر وبصيرة أن كل زمن له زلمه و وتابعيه،فكما كان للاحتلال العثماني عبيده ومواليه -لازال بيننا بعضهم ممن يؤمنون بعودة الباب العالي..!! -كان للاحتلال البريطاني صنائعه وأذنابه..!! التي أعطت الولاء وأخذت بالمقابل القطائع والذهب والامتيازات والنياشين والحماية..، ولما جاء الاحتلال الإسرائيلي وجد له كذلك عناوين وعيون كثيرة وبيافطات براقة باعت كل شيء "أرضنا..رجالنا..هويتنا..مقدساتنا "في مقابل غنائم تافهة أقصاها رزمة شيكلات أو دولارات أو ليلة حمراء مع لحم عبري ابيض..!! وعند قدوم السلطة المتعبة من النضال بعد أوسلو..تهافت عليها ذباب الساقطين و المنتفعين المتاجرين في كل شيء قد يخطر على البال ،فلم يجدوا صعوبة في افسادها ولم تجد هي صعوبة في تجنيدهم حراسا وسجانين وسماسرة فكانوا تقريبا امتدادا غير مستغرب للخدم والموالي عبر الاحتلالات المتوالية..!! وكانوا كذلك سببا مباشرا لهروبها من غزة..!! ولما صحونا ذات مساء حزيراني على قوة انفردت بالسلطة..وجدنا أن سدنتها و أحباشها جاهزين مجهزين.. أناس كانوا في معظمهم خارج العمل الوطني بسبب أخلاقيات وذمم و ممارسات ،وقد وجدوا في البديل فرصة ليلمعوا أنفسهم ويلبسوا ثوبا سندسيا ووقارا ربانيا ينطلي على عواطفنا بسهولة كي يكون لهم شأن..!! وكان منهجهم المنغلق خاصة بعد النصر والتمكين واضحا في الخطاب حادا في المعاملة ومنطقهم بسيط جدا في الحكم على ما دونهم ..!! "فمن ليس معنا هو ضدنا .. ونحن قوم مؤمنون نجاهد في الله قوما مرجفين..!!" وما يعنيني حقا في هذا المقام هو أن أسلط الضوء على خمسة نماذج من "كدابين الزفة" للعصر الحجري كما كان للعصر الطباشيري الذي سبقه، لأبين للقراء كم هو الانتماء المسلوق أو المفلوق أعمى و مسيطر على فضاء بعض العقول والأفكار بحيث يصبح صاحب القلم منها أحيانا عبدا بإرادته لطواطم وتعاويذ يعبدها من دون الله ،أو ربما مجرد ثور يجر ساقية التنظيم ويدور حولها بلا نهاية ..!! لعلي أعذر بعض الأصوات الخارجية التي تنتصر لتنظيم معين أو تروج فكرة معينة تربت عليها سنوات فاستولت على كامل مشاعرها على حساب العقل والمنطق ، وهي لا تزال تعتقد برومانسية أفلاطونية إن لا فرق بين ما يقال من ذهب الشعارات وما يمارس على الأرض عمليا من صفيح المؤامرات والمناورات..!! فالصوت الذي ينتصر من بعيد ربما يكون معذورا لأنه يرى الصورة مفلترة كصور فاتنات السينما وكما يريدها المخرج لكن الصورة الحقيقية قد تكون قبيحة للقريبين والمعايشين فهم يرونها بأخاديدها وبثورها وسوآتها..!! ولكن لا عذر مطلقا للأصوات الداخلية التي تعيش الصورة بكل قبحها ولكنها بحكم وظيفي أو نفعي تكذب وتتجمل عمدا وتظهر آهة الحزن وكأنها ابتسامة وضربة الكرباج وكأنها وسام..!!
* سيادة المذيع.... ساقته إلينا المرحلة.. مستفيد..كل شيء فيه مصطنع و متكلف.. ابتسامته تقطر سما.. مجادلا ومتأدبا..وسفسطائبا من الطراز الفاخر..!! عايشت تاريخه جيدا منذ أكثر من ثلاثين سنة، وخبرته عن قرب .. بدأ ناصريا ثم استهوته "الدروشة " أعواما حتى تبنته جهة معروفة الى أن رأيناه أستاذا جامعيا ..ياما كتب رسائل للقراء عن التقوى والوطن والوحدة ثم أصيب فجأة بسكتة فكرية نتج عنها فقد ذاكرة جزئي فلم يعد يتذكر من التاريخ الفلسطيني إلا روزنامة المؤمنين..!! بعد إن طلبت منه الثقافة الخلع لعدم التوافق بسبب إصراره على أن تلبس الحجاب ومن بعده النقاب ..أصبح مندوبا تلفزيونيا ساميا في فضائية خاصة .. يلتقي فقط مع الصفوة المبشرين..لم نسمع له صوتا في أحداث وتجاوزات كثيرة عصفت بالمقهورين في العهد الميمون..!! لعله كان يعاني من أنفلونزا الذات أو بحة الضمير..!! الليلة تحاملت على نفسي وجلست قبالته نصف ساعةكاملة..كم كان مغثيا..مسرفا في عبوديته للأولياءه الصالحين..!! فهو كالجمل يعير الطرف الآخر بمثالبه ،ولايرى اعوجاج رقبته..و ينسى إنه بعد "صفين " التي مزقتنا نصفين وأضعفتنا على ضعفنا لم يعد هناك ما يثير الاستغراب..في ارض لا يحلق فيها فضائها سوى البوم و الغراب ..!!
*الدكتور.. يعيش في الخارج مرفها مدللا.. ولكنه يستغل معاناتنا وقضيتنا في كل مقال له كقميص عثمان..!! لم نتعرف به إلا في عهد الانترنت.. متخصص في الهجوم على مادون لونه المفضل.. وهو أشبه بوكالة إعلانية فاشلة تروج لمنتوج قديم.. لم نسمع منه ملاحظة ألم ولو عابرة عن دم الثمانية الذي جرى يوم الوفاء..!! الرجل للحق يهوى المعارك الجانبية ..وله فحيح اسطوانة مشروخة ،وقد أوقعه اندفاعه في معارك شخصية و نزاعات قضائية تنظر فيها المحاكم !! *الأكاديمي .. أستاذ جامعي تفوح منه رائحة النفط .. بدا محللا واعيا في تغطيات الجزيرة القطرية للحرب الأمريكية على العراق ولكنه في الشأن الفلسطيني أظهر سذاجة تفوق الوصف وبدأ يقدم لنا فتاوى قرضاوية سياسية بمنطق الأبعد عن أمريكا الأقرب الى الحق ..!! وهذا المنطق كان يلزمه منطق آخر وهو الأقرب الى طهران ليس بالضرورة إن يكون الأقرب الى الحق ..!!
*ملاكي الفضائية..!! أستاذ جامعي أيضا..كنت ولازلت احترمه .. ضربه فتوات السلطة ذات يوم ،ولم ينس ..!! يبدو انه يتعامل الآن مع الحالة الراهنة بمنطق من ضرب الذي ضربني فهو صديقي..!! لا يفوت مناسبة إلا ويظهر براعته في الكيل بمكيالين واحد ليتامى الضفة واثنين للعيون الخضراء في غزة ..!! لاحظ مؤخرا أن مذيع نشرة الأخبار وهو في عمر حفيده يريده إن يقول ما هو مطلوب فاعترض بذكاء وأوضح حقيقة ما جرى في نابلس وكانت فضيحة إعلامية بكل المقاييس..!!
*صاحب السعادة..!! عرفته من المتربين في نعمة " الختيار " وكان له وجود في صحفه الى عهد قريب .. بسبب الأنا وأورام الذات لم يقرأ جيدا الأحداث فسقط في الانتخابات.. ومع تغير موجة البث من غزة غير وبدل..وخلع سبعين سنة من عمره..!! يحاول منذ شهور أن يمشي مشية الحمامة ويقفز قفزة الضفدع في آن .. فيبدو مضحكا وهو يدرك تماما أن زمانه كما العدل قد ولى وانكشف..!! كذابين الزفة هؤلاء و أمثالهم كان عليهم أن يرتفعوا الى قدر من الموضوعية والشفافية يحترم عقولنا خاصة وأن سادتهم وأولياء نعمتهم باتوا بأخطائهم الفادحة يخسرون في شهور ما بنوه في عشرات السنين وهناك شواهد وانعكاسات كثيرة تؤكد ذلك في الداخل والخارج .. أنظروا.. ما جري لإخوانهم في انتخابات الأردن النيابية حيث لم يفز من مرشحيهم سوى 5 من 22برغم قناعتي بوجود تزوير وتدخل حكومي ..!! ولكن ليقارن من يريد بين نتائج ما كان و ما جرى.. وليتق الله من يريد الخير بوليه وصديقه فيصدقه القول بالحق و لا يغطي على أمراضه العضال ولاشك أن أولئك المطبلين يعرفون جيدا كيف ينصرون أخاهم ظالما أم مظلوما بمنطق رسولنا الأعظم صلى الله عليه وسلم وليس بمنطق الجاهلية القديمة الجديدة..!!