الخميس، ٢٤ أبريل ٢٠٠٨

حدث هذا الصباح

حدث هذا الصباح..!!

 

استيقظت من نوم 14 ساعة متواصلة مدهوكا  على غير المتوقع  ،سمعت من يتنهد ولا أحد في الغرفة..فركت عيني لربما كنت لا أزال أحلم.. بعد ثوان لفحتني زفرة "أوووووف" حارة من تحتي ..

لم تتملكني الحيرة طويلا  فقد بادرني سريري صارخا :يا أخي حل عني.. هلكتني .. "عشرين سنة وأنت و قرينتك خامدين على نفسي"..تتعاركا ..وتتصالحا  على قلبي ..حطمتما أضلاعي..ووعدتماني بعمرة منذ خمس سنوات عند نجار محترم دون تنفيذ بحجة الميزانيات والديون و...و.....!!

 يا رجل..عيب أن تكون وعودك كما وعود تجار السياسات والانتخابات والمخللات..!!

  الا يكفي يا محترم  انك كذبت على و وعدتني برجيم قاس  فزاد وزنك ووزن المدام كما رجال الحكومات الى قنطارين..!!

 

تمطعت..ثم نزلت أو بالأحرى دفعني السرير الغضيب  فتوجهت إلى الحمام لآخذ دشا كالمعتاد ..فتحت الحنفية فلم ينزل الماء..!!

استغربت وإذا بصوت نسائي رقيق كصوت موظفة الاتصالات يهمس في أذني.. أنا آسفة يا أستاذ.. لقد قررت الإضراب عن العمل تضامنا مع المطالب العادلة لزميلاتي الحنفيات العاملات بلا كلل  ولا ملل..

وجدتني أضحك ..يا سلام سلم كما السرير العجوز الحنفية بتتكلم..!!

سألتها وما هي مطالب الحنفولات الكريمات ..؟!!

ردت  أم سرسوب وبشجاعة أعظم من أزعم نقابي في الشرق الأوسط

ا-تحديد ساعات العمل من السادسة صباحا إلى العاشرة مساء

2-التعامل معنا بلطف وإنسانية

3-توفير تأمين صحي عند أفضل سباك ..

بس ..بس ..صرخت.." الله الغني "..شطفت وجهي بماء الطشت وأسرعت كي

ألبس ملابسي..

 تذمر القميص .زمجر البنطلون  .. وتمنعت الجاكيت ..

لحظة وهتف الحميع كما لو انهم في مظاهرة:

يا أخينا بصراحة كلنا مش طايقينك.. أحسن لك تأخذ اجازة، بلاش تروح الشغل اليوم لغاية ماتهدأ اعصابنا..ونشوف حل في سنتك السودا!!

ولعت أعصابي.. انفجرت غاضبا..

الله الله ..يعني مؤامرة على العبد الفقير..!!

طيب ليش..!!

  ماذا عملت لكي  أواجه بعصيان مدني كهذا..

هل أنا سبب الحصار..؟!!

هل أنا مبتكر نظرية الحسم..ومؤلف روايات الفساد؟!!

هل أنا من يقبل الجفيرت ليفني طالع نازل..؟!!

هل أنا من وعد بالخير والسداد  وقعد بالمقلوب على قلوب العباد ..؟!!

هل أنا من يعد بدولة من عمودين خشب ولوحين زينكو..قبل نهاية 2008

هل أنا من قتل وسجن أولاد الناس تحت بند الكفرة والخونة أو بند القاعدة..؟!!

هل أنا من قتل " البرغوثي.."وزيف تقرير الوفاة..؟!!

هل أنا من عذب "خطاب " حتى الموت  ثم قام ليدعو رب العزة أن يفك الحصار عن غزة       ..؟!!

هل أنا من يشارك في حصار شعبة عبر أدارة خبيثةللاحتكار والجشع و تجارة الأنفاق..؟!!

اسمعوا..أنا ديمقراطي صحيح..لكن إلى هذه الدرجة لأ وألف لأ

سألعن سنسفيل أبو كل من يعارضني.. أنا سيد البيت ..فاهمين..

لم يرد أحد .. أمسكت بالمشط فتملص مني ،نظرت في المرأة ..لم أر وجهي..  وجدتها تحدق في ..صرخت ..حتى أنت يا مرمر..

-        لا يا أستاذ نحن فقط نخشى عليك  أن تهتم بشكلك وتنسى أصلك وفصلك كما فعل الكثيرون من أصحاب الصنادل والشباشب الذين ركبوا موجة التنظيمات وعرفوا من أين تؤكل المناسبات..!!فغنموا ما غنموا،و استبدلوا خبز الشعير بالفطير واستغنوا بالكنب عن الحصير وتوسلوا بحق الدين إلى باطل الدنيا ودعوا الناس إلى الصمود الصبر والتقوى ونسوا أنفسهم وأن الله أقوى..!!

 

هدأت أعصابي..

ذكرتهم بطفولتي المشردة و يفاعتي المتوقدة و شيخوختى المتمردة

أقسمت عليهم أن يقوموني بالامتناع  ان رأوا في اعوجاجا  وان لا يترددوا  في تعنيفي إن غوتني في الربع الأخير ملاسة الأضواء والحرير..!!

تصالحنا بعد التفاهمات ..

وعادت الانسجام من جديد بيننا مع حرص شديد من جهتي على تحية الصباح والمساء لسريري العجوز والحنفية والمرآة والمشط و...و.....

والتنبه إلى أفعالي ،والابتعاد عمن باعوا الدين بالدنيا..!!  

 

الجمعة، ١٨ أبريل ٢٠٠٨

بيان هام

بيان هام..!!

                                 

كان على مجلس الأمن القومي لحمير الضفة وغزة.. نعم حمير الضفة و غزة أن يجتمع على عجل لدراسة آخر المستجدات السياسية والاقتصادية وخاصة تلك الفرصة السانحة التي قدمها الساسة والأغوات من أصحاب الجلاليب والعبايات للجموع الغفيرة من آل حافر..!! حيث توقفت في غزة تقريبا المرسيديسات والهوندايات  وكل ذوات العجلات من الفزبات والحافلات عن العمل  بعد انقطاع البنزين والسولار ووصول سعر القلن في سوق الحضر وتحت نظر أهل الحسبة والتقوى إلى مائة دولار..!! وحتى السيرج  اختفى وصار السواق يلطشه من المطبخ ليسير به شوية وبريحة كلها أذية و بلاش  يام محمد التقلية خصوصا يوم البامية والملوخية..!!

 

وقف الحمار قائد المسيرة.. وأعلن عن افتتاحه للجلسة وقد مرت في ذهنه صور العسف والحيف والإهمال الذي يلقاه أبناء قومه العراة الحفاة من آل آدم القساة..عدا ضرب الكرابيج والبرابيش والشخط والنخط والشيل والحط مقابل حفنة أو حفنتين من شعير نتن مخلوط برمل وتبن..!!

بينما البني ادمين يأكلون ما لذ وطاب من المفتول حتى الكباب..!!

بغض النظر عن حال الغلابا منهم تحت الحصار  والذين نشفق عليهم و نقاسمهم نصيبنا في السراء والضراء..!!

فنحن لم ولن نتخلى عن مشاعر الإخوة والمواطنة تجاههم  رغم ظلم ذوي القربى..

وسنظل نشاركهم أفراحهم وأحزانهم وأسواقهم مهما مورس علينا من قهر وتمييز عنصري..  !!

 

"لقد أن الأوان أن نستغل الوضع ونفرض شروطنا "

قالها رئيس الأركان.. وأيده في ذلك رئيس شعبة الاستخبارات

 

طلب وزير الدفاع مداخلة  قال فيها "أنا استغرب من هذه التعالي المقيت  الذي يعاملنا به   الآدميون هنا رغم أنهم في اشد الحاجة لنا الآن .. فنحن الذين نوصف عندهم بقلة العقل والحيلة لم نضيع الوطن  كما أضاعوا ..ولم نقتتل كما اقتتلوا....ولم نفضح أنفسنا كما انفضحوا..!!

لذا فنحن ذوات الأربع أحق منهم بالحرية والريادة والسيادة..!!

ويجب  أن نقاوم  الظلم بعناد وجلد وبشتى طرق الرفس والممانعة.. وقد سقط منا خلال  الانتفاضتين ضحايا كثر قصفا أو تفخيخا   وفي نفس الوقت نفاوض بكل إباء وشرف دون مساومة على حقوقنا الشرعية..!!"

صفق الحضور على طريقتهم بدق الحوافر في الأرض ونهق عدد منهم إعجابا بموقف وزير الدفاع..!!

 

ثم قدم وزير الثقافة مداخلته بهدوء قائلا:

 " أولا  -نحن لم نطالب يوما بوطن للحمير لا نستطيع الدفاع عنه ودم أي جحش أغلى عندنا من أي  مناورة أو متاجرة بشعارات وطنية أو دينية كاذبة..!!

لذا فالأرض كلها وطن الحمير نبرطع فيها كما نشاء.. ولا حاجة لنا للسعي إلى نيل رضا الأمريكان  أو لتلبية أوامر العمة إيران  كما يستقطب العرب الآن..!! فنحن أمة حافر تحترم نفسها ووجودها  وأهدافها في خدمة الحضارة والانسانية..!!

ثانيا -نحن الحمير ليس فينا من يخدع أو ينصب أو يزور .. وليس منا يعد بالمن والعسل في حملات انتخابية مدعومة  وبعد الفوز تتبخر الوعود كا لأحلام كما نرى من أفعال أولاد الحرام محترفي النصب و الولائم من ذوي ربطات العتق المزركشة والعمائم.. الصقور منهم  والحمائم ..!!

لم يضبط في التاريخ أي حمار متلبسا بقضية فساد  فلا علاقة لنا باسمنت أو جوالات  ولا علاقة لنا بفتاوى بيع السولار والدخان في أيام اسود من الباذنجان..!!

لذا فنحن بني رسن نفخر بصفحاتنا البيضاء ..ومن حقنا أن نكون على قدم المساواة في هذا الحصار مع هؤلاء الآدميين المتعجرفين الفجار..!!

بمعنى أن يكون لنا حقوقنا المكتسبة من تأمين صحي.. وتحديد لساعات العمل  ..ومكافآت..و علاوات غلاء معيشة ..وبدل سفر.. ومصروف جيب  الخ الخ"

 

طلب الحمار القائد رفع الجلسة العلنية لبعض الوقت  للتشاور  من أجل اتخاذ القرارات الهامة والملزمة بعيد ا عن الكاميرات وليس كما يحدث من فضائح ومهازل في مؤتمرات القمم العربيات

 

بعد ساعة أصدر مجلس الأمن القومي لحمير غزة البيان التالي:

 

نظرا لأهمية المرحلة القادمة نعلن باسم كل حمير الوطن والشتات  أولا: رفضنا التام لكل محاولات الاستقطاب بين فتح وحماس لما فيه من تدمير ومساس بمستقبل جحوشنا وجحشاتنا..!!  وندعوهما  للعودة وبسرعة إلى جادة الصواب ..!!

ثانيا: عرضنا لمفاوضات الطاولة المستديرة مع أولى الأمر والشأن من أجل النظر في شروطنا المشروعة  للوقوف معا في مواجهة الحصار

وأهمها إعادة الاعتبار والمواطنة الحقة لكل حمير الوطن خاصة وأننا نقوم الآن بدورنا الطليعي في رعاية المواصلات في غزة مع تولينا مهمة النهوض بالسياحة في الضفة..!!

ثالثا :ان لم يستجب لشروطنا الوطنية المشروعة سوف نقوم بإجراءات تصعيدية تبدأ بإضرابات جزئية ثم عامة وتنتهي بعصيان بهائمي كبير قد يجرنا إلى ثورة عارمة..وانفجار كبير في وجه كل المحاصرين المتآمرين والمتاجرين والمستغلين!!

 

لم تتطرق وسائل الإعلام المحلية والعالمية حتى الآن إلى البيان المذكور  ولم تتحدث عن ردود فعل تذكر ربما بسبب الحداد على شهيد الكاميرا فضل شناعة أو بسبب تهميش آدمي استراتيجي للمسألة الحميرية.. ولكن من المرجح أن تتفاقم الأمور  على تفاقمها  في شوارع غزة وتبدأ جموع الحمير بعد هذا البيان  بالرفس والنهيق طالما لم يتحقق شيء من خارطة الطريق..!!

 


الجمعة، ١١ أبريل ٢٠٠٨

من سلمان الى بنت السلطان

من سلمان إلى بنت السلطان..!!

 

" قراءة ناقدة"

 

لفت نظري الضجيج الذي أثير مؤخرا حول انفجار بالوعة شتائم الكاتبة الأمريكية من أصل سوري  "وفاء سلطان " باتجاه الإسلام والمسلمين  وذلك على الضفاف المالحة للجزيرة القطرية في برنامج الاتجاه المعاكس الشهير والحاصل على وسام الزعيق من الدرجة الاولى مع المذيع  الأصلع العتيق" فيصل القاسم ..!!

ويبدو أننا تعودنا إلا يمر عام إلا ونجد أنفسنا أمام ضجيج مفتعل  لنكرات و تفاهات نلمعها للأسف بأيدينا وبحماقاتنا ومظاهراتنا لتصبح  معارف ومزارات يسعى إليها كل حاقد  أو ملحد أو جاهل مارق ..!!

تماما كما لمعنا سلمان رشدي وآياته الشيطانية المغمورة في الثمانيات بالمظاهرات العارمة وفتاوى استباحة الدم..ليصبح أشهر من نار على علم..!!

 وبنفس الطريقة وضعنا قبل عامين صحيفة دنماركية لا يقرؤها في أحسن الأحوال عشرة أشخاص  مع رساميها المعاتيه في بؤرة الشهرة ومركز الحدث..

وهكذا فنحن المسلمبن بتنا كأهبل الحارة نجري ونطارد ونزعق على كل  من تسول له نفسه أن يستفزنا بينما المنطق السليم يتطلب منا بحكم ثقتنا بديننا ونبينا عليه الصلاة والسلام أن نكون أحكم وأعقل وأكثر رباطة جأش..!!

لم أتسرع في الكتابة عن وفاء سلطان التي شاهدتها في نفس البرنامج قبل عامين تواجه الشيخ العلامة إبراهيم الخولي المنفعل والعصبي  وقد فازت عليه حينها بالنقاط ..!! ليس بسبب صحة أقوالها  أو جرأتها  وإنما لأنها نجحت وبخبث في استثارة عصبيته وتشويحاته الانفعالية..!!

 

قرأت الكثير مما كتبت بنت ال.. سلطان هذه بفضل الانترنت  وتوصلت إلى قناعة  أنها مريضة بعقدة نفسية منذ الصغر رغم أنها طبيبة نفسية وليس في ذلك ما يثير الاستغراب فطبيب القلب قد يمرض بالقلب  وطبيب العيون قد يمرض بالكتراكت..!!

 

وفاء سلطان بدأت عقدتها الإسلامية لسوء الطالع في سن الطفولة وباعترافها من خلال معلم قاس وفظ للتربية الدينية..وهذه البداية كانت بمثابة عين الغضا التي رأت وترى بها الإسلام والمسلمين من ذلك الحين ..!!

عين تحكم بها سوء الظن والتعمد والتأويل والتزوير والشك  وما عزز ذلك للأسف ممارسات خاطئة من مسلمين حولها..مثل اغتيال أستاذها في الجامعة..!!

لست معنيا بتشخيص حالة وفاء سلطان بقدر ما أنا معني برد ذلك الحقد المرير والمركب إلى أبسط دوافعه من مثقفة عربيكية لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة في التطاول علنا وبصفاقة.. على نبي أمة ودينها..!!

مما لاشك فيه أننا أمام نموذج غزير الاطلاع والبحث وخاصة  في  القرآن والسنة والأثر ولها ذكاء  حاد وشرير يصل إلى درجة متميزة  في التلاعب بالمنطق وتكرار طرح مقولات بعينها  للنيل من  القرآن والسنة باعتقاد مريض من مريضة يخيل  لها أنها  تضرب الفكر الإسلامي والمسلمين في الصميم ، ولعلها تتبع نفس الإستراتيجية  التي اتبعها يوما الشيخ الشعراوي رحمه الله في مناهضته  للشيوعية في السبعينات من خلال دراسة معمقة وناقدة للماركسية..!!

ونموذج مستفز كوفاء سلطان لا يحتاج للنجاح في مواجهته إلى دراويش  وحفظة خطب وإنما  إلى عقلية إسلامية متنورة وواعية تتمتع بالهدوء والإيمان  والثقة وتتقن لغة الخطاب الغربي.. عقلية  فذة..كعقلية الشيخ " أحمد ديدات " رحمه الله والذي استطاع أن يفحم بهدوء وبتفوق العديد من رجالات الدين المسيحي واليهودي ودعاة العلمانية في مناظرات عديدة..!!

 

إذا نحن هنا أمام بوق إعلامي متقدم  عربي الوجه غربي التوجيه ملوث بكل فيروسات غسل الأدمغة ، ومما يساعده على ذلك حالة السبات بل الهذيان والانفصام التي يعيشهما العالمان العربي والإسلامي .

 

نعم..

اعتقد أن هناك انفصام  إيماني بين ولاة الأمر وإتباعهم القائمين على الدعوة الإسلامية  وبين الإسلام كدين إنساني متسامح ومتكامل..

وهناك من المسلمين من أساء و يسيء عامدا أو غير متعمد إلى هذا الدين العظيم  أكثر مما أساء سلمان رشدي ورسامو الدنمارك وبنت سلطان  مرة بالذبح والتنكيل عبر الفضائيات ومرة أخرى بتفجيرات يذهب ضحيتها الأبرياء..!! ومرة ثالثة بالاقتتال فيما بينهم  وانقسام المقسوم فيهم شيعا وطوائف ...!!

ولقد حضرتني كلمات قالها الرسام الدنماركي  الذي كسب شهرة بغضب مليار مسلم.. حين سئل: لماذا رسمت محمدا هكذا وأنت لم تره..؟!! فأجاب لقد تخيلته على هذه الشاكلة من أعمال العنف التي قام بها بعض المسلمين..؟!!

ليس دفاعا عن هذا الغبي أو غيره من الأغبياء والغبيات الذين يرشقون أمة عمرها 1400 سنة بتفاهات و تهيؤات عمرها سنوات..!!

وإنما دعوة مخلصة لنرى أنفسنا جيدا في مرآة ديننا وعالمنا.. ونحاكم أخطاءنا وخطايانا  إنصافا لدين يستحق بالمنطق والبرهان أن يكون دين البشرية جمعاء.

ان ممارساتنا  الخاطئة سياسيا واجتماعيا وإنسانيا كانت البيضة التي فقست لنا أفكارا تكفيرية مشوهة وتطرفا قبيحا وفتاوى مريضة وانقسامات بغيضة أساءت لصورتنا الحضارية بين الأمم..كذلك كانت شرخا عميقا في مهابتنا كمسلمين أغرى بنا الصديق قبل العدو وتسربت من خلاله وبجرأة تصل إلى حد الوقاحة آيات سلمان رشدي الشيطانية  والرسومات الدنماركية وعقد وفاء سلطان المتفرنجة..!!

وفي الطريق كذلك فيلم كامل بعنوان "الفتنة" وهو فتنة تسيء إلى القرآن الكريم على الطريقة الهولندية..!!

عدا العديد من النيران الصديقة أحيانا من أقلام عربية و إسلامية.. !!

لاشك إننا كعرب ومسلمون نواجه عداء دينيا وتاريخيا دفينا من جهات عديدة ولكن تلك الحقيقة يجب ألا تعمينا عن حقيقة أخرى وهي فشلنا الذريع في إيجاد لغة التواصل الملائمة مع من حولنا ..!!

ويجب أن نعترف بذلك حتى ولو بيننا وبين أنفسنا..كخطوة صحيحة باتجاه صحيح..

فتحجر الفكر في التعامل مع الآخرين على منطق دفع الجزية..أو ضرب الرقاب.. ونحن أذل ما نكون لا يخدم  قضايانا ومصالحنا.. يضر بنا كمسلمين ويشوه صورتنا ويغري أكثر بالنيل منا .

إن هناك خللا خطيرا ومزمنا في دعاتنا وفي طرق الدعوة ..فمن الدعاة من كانوا ولازالوا خدما  لسلاطين وحكام سيئي السمعة ، وهم أبعد ما يكونون عن القدوة ، ومنهم من أصبحوا رجال أعمال ومليونيرات ونجوم فضائيات فأكلوا " الفالوذج " بالدين كما قال أبو حنيفة النعمان في تلميذه أبي عبد الله صاحب كتاب الخراج..!!

أحد الدعاة الجدد على ذمة مجلة "فوربس" للأثرياء  يملك مليونين ونصف من الدولارات ووراءه صف طويل من مليونيرات طلاب الدنيا بالدين..!!

ومثل هؤلاء يصح فيهم قول الله تعالى في سورة التوبة" وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ."

 أما طرق الدعوة  فهي جد تقليدية وبالية ولغتها الخشبية تعتمد قص مكرر لما هضمناه في سنين التعليم الأولى  وترتكن غالبا على الزعيق  والتشويح و الترهيب  أكثر من ابتسامة وهدوء الترغيب والتشدد أكثر من التسامح والتنفير أكثر من التيسير ..!!

لقد أدهشني أن أحد دعاتنا الجامدين  أفتي بعدم جواز استخدام فرشاة الأسنان دون السواك بمنطق وجوب الاقتداء  بما كان يفعل الرسول ص حرفيا  وكأني به لم يسمع بالاستحسان والمصالح المرسلة..!!

إلى هذا الحد وأكثر وصلنا من التحجر والانغلاق..   

ليس من منطلق جلد الذات أقول ما أقول وإنما من منطلق تعرية العفن الذي يعشش في أدمغتنا..

 يجب أن نواجه وبجرأة عيوبنا وآفاتنا حتى لا نبصم رسميا بحوافرنا  على تخلفنا المؤبد في ذيل الأمم ..!!

لقد أثبتت الحاجة وخاصة بعد سيل  الفتاوى المضحكة والمتعارضة  ان علينا القيام بإعادة تحقيق الأحاديث والمرويات في البخاري ومسلم من جديد وتنقيتها من كل ما يتعارض مع هدي القرآن وخلق النبوة  وسمو السنة ..!!

ومن كل ما يتعارض مع مقتضيات تطور الحال والمصالح الإسلامية الراهنة..!!

ليس من الغيرة على الإسلام ونبيه ص أن نتشنج  ونهتف  ونحرق فقط وإنما الغيرة الحقيقية أن نكون صورة مشرفة لهما أمام الأمم الأخرى قولا وفعلا..!!

ويكفي أن الله جل وعلا كفل الدفاع عن نبيه الكريم بقوله في محكم كتابه العزيز "وكفيناك المستهزئين"

ان الذي يحكم الشارع الإسلامي اليوم للأسف  لوبي من دعاة وأنصاف دعاة ممالئين للفساد.. تابعين  لأولياء النعمة.. سريعي  الغضب و الفتوى..سلاحهم اللعن والتكفير..ويا ويل من  يقترب من  بابويتهم  المقدسة ..!!

أننا بحاجة شديدة إلى دعاة علماء أتقياء أنقياء من طراز القاضي العز بن عبد السلام..أو الشيخ محمود شلتوت.. أو احمد ديدات  رحمهم الله جميعا..

ولسنا بحاجة إلى دعاة فضائيات وتجار دين محترفين.. يلبسون الجينز..أو يتبارون في الظهور بمسوح التقوى أمام الفقراء البسطاء..ويتخصصون في الدفاع عن أموالهم وأموال الأثرياء ورجال الأعمال  وملاينة الفنانات..بينما هم يصمتون تماما أمام معاناة طوابير الذين يحجون بقربهم  صباح مساء   إلى رغيف الخبز ..!!

لقد بتنا نتوجس خيفة  من كل تنظيم سياسي بجلباب ديني مزركش من فرط  مامررنا ونمر به من تجارب مؤلمة و مرة ..!!

وصدق الشاعر العربي عندما قال :

نعيب زماننا والعيب فينا.. وما لزماننا عيب سوانا ..!!

 

الجمعة، ٤ أبريل ٢٠٠٨

مصرنة..أسرنة..فتحنة..حمسنة

مصرنة..أسرنة..فتحنة..حمسنة..!!

 

في عهد الإدارة المصرية كان كل شيء عندنا ممصرنا.. الهوى والتاريخ و السياسة والتعليم والثقافة..!!

كنا نعرف بأمر المنهاج المقرر عن الفراعنة أكثر مما نعرف عن الكنعانيين من عميان المخيم..!!

ونعرف عن مدينة طيبة القديمة أكثر مما نعرف عن قرية دير ياسين..!!

كنا نأكل ونشرب ونتنفس جمال عبد الناصر ، ونصحو كالمصريين على صحن "أبو عشرة " يعني اكس لارج من الفول المدمس بالشطة وكله بقرش أوتعريفة ، ونتغدى على الراديو  أهلي وزمالك ،ونسهر على تلفزيون المقهى مع فاتن حمامة وعمر الشريف، وننام لوعة وتنهدا على صوت الست والعندليب وفريد الأطرش..!!

إلى أن صحونا في يوم حزيراني  أسود لنجد أن الإمبراطورية المصرية قد انهارت كما قصر من ورق..!!

 

 وبدأنا نعيش عصر الأسرنة، وأخذت كلمات شالوم  وبسيدر وشمينت كيسف وأغورة وناخون..... طريقها الى أحاديثنا، وصرنا نتفاخر باعوجاج ألسنتنا كاليهود.. ونلبس مثلهم ونشاهد تلفزيونهم، ونتشبه بنجومهم نونتفاخر بمغامراتنا الساخنة في تل ابيب وهرتسليا ودوار يبنا..ونصرف كل مانكسبة من المناهيل  على بطوننا ومتعنا ..ونسينا لوقت النكبة والوطن.. باستسلامنا لبيرة المكابي وخدر الهزيمة ..!!

كانت هبات من الوطننة  والفلسطنة بأثر مقاومة البترودولار تلفح وجوهنا ،وتوقظنا أحيانا مع عملية فدائية هنا وسقوط شهيد هناك .. وسرعان ما نعود الى رياضتنا المحببة .. الهروب والتسفع والاسترخاء في ظل واقع ضبابي  لزج..

ثم جاءت انتفاضة الحجر العفوية والبريئة كفصل صيف حار طويل معمس يالدم المقاوم .. تجلت فيه الوطننة والوحدنة بأروع مظاهرها ..من تظاهرات.. إطارات مشتعلة .. قذائف حجرية موجهه..إضرابات ..منع تجول ..اعتقالات .. ومع مرور الوقت  ركب الانتفاضة من ركب فتحولت الوطننة إلى فصلنة  وخيلنة وهمجنة ..!!

وجاءت السلطة ..لنشهد عصر مماليك الفتحنة بكل إبداعاته  من فساد وإفساد ومن صفقات ومافيات ..ساطات وانفلاتات وهيمنات وإتاوات..فتذوقنا حلاوة الأمن الوقائي وأمن المؤسسات والاستخبارات ،وصرنا نستدعى بتحية الوطن الى "أبو زنيط "كما كنا نستدعى الى موشيه أو شلومو..!!

كان "الختبار" بكل ايجابياته وسلبياته ممسكا بكل شيء ،وبعدما  غادر نا مسموما انهارت الخيمة..!!

ويمضي بنا قارب التاريخ ليرسو بنا كما يعرف الجميع ..عند عام الانتخابات التي ا فرزت عباس رئيسا وحماس حكومة ..وجرت محاولات قاهرية  ومكية لفلسطنة المسيرة..فكان  الفشل حليفها ..لان المولود الفلسطيني ولد مشوها برأسين  واربعة أرجل ..!!

وكان الحسم العظيم..!!

لتشهد غزة من بعده حمسنة واضحة وحثيثة  شملت كل شيء تقريبا ..المؤسسات الحكومية ..اسماء الميادين والشوارع..المساجد.. الوظائف.. النفوس وبالمقابل  شهدت الضفة  فتحنة وقائية واسعة بالمصفحات الروسية والبنادق الاتوماتيكية والخطط الدايتونية خوفا من حمسنة مباغتة..!!

 

ولعل أهم ما يميز عصر الحمسنة هنا  هو اننا نعيش الحصار باليومية واليوم اللي راح أحسن من اللي جاي  ولسان حالنا "جاي يازلام جاي " فالطوابير على المخابز ومحطات الوقود يعد أن بأخذالمتنفذون حصصهم..فلتر البنزين أو السولار أصبح  أغلى من لتر الدم..!! ولا أستبعد أن يهادي الخطيب خطيبته غدا "لتر بنزين" أوكتان 95 ملفوفا بورق  سوليفان..!! بدلا من "جوز حية" أو عقد من الذهب عيار 21

كذلك الجاهزية العالية لردع وخطف من تسول له نفسه  أن بفتح ساكنا ..!!

بينما يميز عصر الفتحنة هناك كثرة الحواجز وتزايد الاستيطان و تعدد اللقاءات  وارتباك التصريحات  وكاننا نسمع طحنا ولانرى طحينا..!!

 فمن أرضى فياض فاضت عليه النعم ومن أغضب الاجهزة فقد حلت عليه النقم و ياويله من يضبط وهو يحمس طفلا  أو قطة.. !!

 

 

لكن ما يلفت نظري حقا هو انتشار الدجالين والسحرة والمشعوذين في غزة المحمسنة والضفة المفتحنة ..تماما كما ينتشر  أشباه لهم في الشارع السياسي..!!

فنقرأ في غزة عن "أبو خليل "الذي بعالج عقم النساء  عن طريق شمهورش وبوسائل جنسية مبتكرة ..!!

ونقرأ  في الضفة عن  مثيل له في الخليل بعالج الأمراض المستعصية بالهمس واللمس..!!

ماذا فعلت حماس بدعاتها ومدعيها إزاء  ممارسات ابي خليل، ووسائله المخجلة ،وهي حامية الحمى والدين ..؟!!

وماذا فعل عباس وكتبته ومثقفيه في مواجهة الأمية الاجتماعية المتوطنة..!!

نعم ..يليق جدا بعصر الطوائف والشرذمة كوكبة من أخبار الدجل وبركات الشعوذة وتمكين الجهل ..!!

ساتغاضى عن تعطل 8000 سيارة أجرة..حبا في مقاومة الحصار..!!

وسأتجاهل ما أكلناه من طحين فاسد لا يصلح للاستخدام الآدمي على مدى 6شهور حتى كدنا ننهق..أملا في تصاعد الدخان الأبيض من اجتماعات البابوات الفلسطينيين..!!

ولكني اشهد شهادة لله والتاريخ أن ما يجري في غزة والضفة من تراشق بالاتهامات وعناد وحرب اعلامية  هو عيب  في حقنا كشعب صابر ، وهو أيضا بمثابة سيف في رقابنا يجزنا جزا وبلا رجمة ذهابا بيد حمساوية  وإيابا بيد فتحاوية..!!

 

أما بالنسبة لبعض القراء الأعزاء الذين تغضبهم كلماتي..فيبرطمون  ويصنفون ..ويشنعون  ويتهمون..ويتوعدون   فاني أؤكد على افترابي منهم بقدر ما يقتربون من فلسطينيتهم  ،ولا يهمني في قول الحق مع احترامي للجميع رضا أو غضب أحد  بعد راحة ضميري..،

لذا أقول مختتما..

 

إن من حق حماس أن تعيش أزهى أيامها بالطول والعرض كما عاشت فتح من قبل..،ولها  أن تحمسن كل شيء حتى الهواء.. والماء والدقة والزعتر..وكله بحسابه..!!

وما جرى في جامعة الأزهر مؤخرا كما جرى في جامعة النجاح مقدما يندرج في هذا الإطار ..

ولا تعليق..!!