الخميس، ٢٨ فبراير ٢٠١٣

أنا.. المرحوم أعلاه..!!

أنا...المرحوم أعلاه..!!




توفيق الحاج

قالوا قديما (لو عكا خايفة من البحر ما سكنت على شطه)..!! ،وأقول أنا العبد الساخر: بعد الحمد لله ،والصلاة والسلام على محمد بن عبدالله.. ،أني ضحكت حتى كدت أقع على قفاي ،لما قرأت مجددا تهديدات بالاغتيال بعد مقال لي بنفس العنوان..!!

ليس استخفافا..، أو استبعادا ..فكل شيء ممكن ،وإنما إشفاقا على قلوب تحجرت ،وعقول أظلمت ،وحواس تعطلت..،ولم تعد ترى حلا لمشاكلها ،وآثامها إلا القتل، والإقصاء.. !!

تعودت التهديدات..، والاتصالات من رقم مجهول.. !! ولم أفكر أن أزعج بها أحد.. ،واعتبر أن الأمر برمته لا يستحق..!! فالموت هو الموت على يد صهيوني كان ،أو يد حقير، أو حتى دونما حادث..فجاة ،وعلى السرير ..!!

أتذكر اول استدعاء لي من(......) ،ونصيحتهم لي بالتوقف عن السخرية من الكبار الأجلاء..!!

وتلميحهم المبطن ،والمكرور باني مزعج ،وقد يقوم بالمهمة مريد موتور..!!

وأتذكر كيف استقوى على تافه نمام بواقع الحال من القهر و تكسير العظام ،فاعتقلت مع أصحاب السوابق والمتلوطين..!! وربنا ستر

وأذكر أنني أجد بين الحين ،والآخر تحريضا مكشوفا ،وسافرا للأسف من مدع أو إمعة ، مع هامش من الالوان يرقص في المعمعة..!!



اغتيالي..بفتوى بغيضة ،أو بغيرها يا سادة..لا أسهل منه ،ولا أبسط .. خاصة وأني أعزل..مؤمن أشد الإيمان بقوله تعالي (فإذا جاء اجلهم لا يستأخرون ساعة، ولا يستقدمون)..مطمئن إلى قضاء ه وقدره.. ،وليس لي موكب حراسة مدرب في أمريكا كما الأمراء والكبراء .،ولا أحمل إلا مصحفا صغيرا ائتنس به ..!!

وللحق إذا كان لابد من الموت..، فاني أفضل ميتة كهذه.. شرف بها الأبطال ،والرجال من قبل.. لا ميتة بعير نافق من عرض، أو مرض..!!

وأكون شاكرا ،وممتنا لو فعلها الجبناء يوما.. لأنهم سيجعلون مني بطلا قوميا ،وأنا لا استحق ذلك..



تخيلت.. أني بعد صلاة العشاء.. سهرت مع أصدقائي ، وعدت إلى بيتي ليلا .. ،وبينما كنت أسير في الشارع وحدي اذ بصوت موتوسيكل يقترب ،فانتحيت جانبا .. ضوءان يلمعان من كاتم للصوت.. شعلتا نار تخترقان الراس والصدر.. قرصتان تتفشيان الما لا يطاق .. أرخت مفاصلي الصدمة..ارتميت على الأرض..لازلت واعيا ،واسمع صوتا يبتعد شيئا فشيئا ..(ياللا..ياللا نبلغ مولانا)..!! أحسست بلزوجة في يدي ،وبخدر ينتشر مع برودة تتسرب من أطرافي.. صور غسان ،وناجي العلي ، وفودة، وبلعيد،وابو جهاد ،وابو علي مصطفى، والرنتيسي ،والياسين ،وابوعمار، وجرادات..!! تمر أمام عيني وتصعد ..يا الهي انه الموت.. هذا الذي لطالما خوفوني منه ،وتاجروا به..!! ولطالما كتبت فيه ،وعنه.. أخيرا التقيه وجها لوجه.. انه أجمل ، وأروع مما يصفون..!!

أغلقت عيناي ،وأنا أتمتم بالشهادتين.. ظلمة..، وخفة ..،وهدوء .. ،وجدتني أصعد رويدا رويدا ،وأنا أرى جسدى المسجى على الرصيف.. اتجهت سابحا في الفضاء نحو بيتي..لم أكن بحاجة إلى طرق باب.. مررت من جدار الصالون مباشرة.. وجدت الأسرة ملتفة حول التلفزيون تشاهد مسلسلا تركيا .. كنت فوق رؤوسهم تماما ..همست ..ناديت .. صرخت..لم ينتبه احد .. سمعت المدام تقول لمن حولها .. يا ولاد مال ابوكو اتاخر..؟!! والبنت الصغري تؤكد: قبل ما انام يسلمني 300ش حق بالطو، وبوت..!!

هتفت :يا بنت الحلال ..انا الآن في ذمة الله.. ادعي لي بالرحمة.. اوصيكم بألا تبكوا علي.. كفنوا جسدي بالعلم الذي عشقته فقط..، وأوصيكم بالا يمشي وراء جنازتي ظلامي قاتل ..ابن حرام ، ولا تقبلوا عزاء من تاجر فتنة محرض على البغض ،والقتل..!!

لم يسمعوا شيئا .. رأيت أولادي يخرجون بحثا عني.. سبحت فوق رؤوسهم.. حتى وصلو ا جمهرة من الناس يتحلقون حول جثتي، ويهمهمون (لا حول ولا قوة إلا بالله) .. صوت زامور سيارة الإسعاف يقترب.. احدهم يهتف : هذا الأستاذ اعرفه..علمني.. ،ويسكن قريبا من هنا.. اخترق ابني الأكبر الحلقة ،وتأمل وجهي الملطخ بالدم..عرفني .. انهار مغمى عليه ..مع وصول سيارة الإسعاف التي سرعان ما أقلت جسدي ،وأولادي ،وبعض الشباب الى المستشفى .. أشار الطبيب بعد فحص سريع مؤكدا وفاتي .،وكتب تقريرا مختصرا..بحضور الشرطة التي عاينت الامر روتينيا ،وقيدت القضية ضد مجهول ..!!، فانا لست أميرا ،أو تاجرا كبيرا ،أو رجل إنفاق..، او مطلوب..!!،ولست من اللون السائد ،والمرغوب..!!

تقرر أن أبيت الليلة في المشرحة لكي ادفن عدا.. تسارعت الأحداث،وانتشر الخبر .. جمهور لا بأس به يتجمع حول المستشفى غير مصدق لما حدث (أول حادث اغتيال لكاتب مغمور في غزة).. !! مضت ساعة ،و تفرق الناس .. وعاد أولادي بسيارة جارنا ..، وهم مذهولون..،وينظرون إلى بعضهم بعضا .. قال الأوسط :ابونا الله يرحمه.. وأنا رجل عملي لابد من أن نوزع حسب الشريعة ما ترك المرحوم بعد الدفن مباشرة ..!!

لم يعلق احد.. ،ولكني همست متفاجئا (ياااا بن الكلب..مش صابر )..!! وصلنا البيت ..وجدت جمهرة في الشارع لجيران ،واقارب، واصدقاء..يضربون كفا على كف .. بعضهم ينتحي جانبا ،ويبكي .. ،والبعض الآخر ساهم في الفضاء .. ،ومجموعة تتذكر نكاتي ،وقفشاتي ،ومقالاتي ،وتضحك بصوت خافت.. وأحدهم يهمس .. ما هو الله يرحمه زودها في الآخر.. ،ويا ما حذرناه..!!

دخلت البيت من السقف لأجد أم العيال كما أمينة رزق بين نساء الحارة شاردة الذهن تتمتم ،ولا تعي شيئا من مواساة الحاضرات..!! انتحبت بحرقة ،وتذكرت الليلة التي بكينا فيها أبي قبل32عاما.

شعرت بقوة خفية تجذبني ،و تشدني إلى أعلى.. حلقت كما طائر مهاجر في الفضاء ،وضوء القمر الذي لطالما عشقت النظر اليه مستعيدا ذكرياتي الجميلة على خلفية (سهران لوحدي)..!! يبدو شاحبا ،وهو يكاد يهوي غربا.

بدأت اشعر بسكون غريب.. ،وسلام لم اشعر به من قبل..،ولم ادر بعد ذلك شيئا.

ذات القوة توقظني..مع آذان (أبو جلالة) الشجى ..توضأت بالندى ،و صليت جماعة كما لم أصل من قبل، واغتسلت باشراقة أول صبح في عالمى الآخر.. طفت حول البيت الصامت كالقبر حتى ارتفعت الشمس ، وطرت باتجاه المستشفى.. فوجئت بمظاهرة عارمة من الظهرة حتى عمارة جاسر ..تأخذ جسدي المسجى والملفوف بالعلم الفلسطيني، ووجهي المكشوف.. تحفني الاعلام ،والرايات من كل لون..حتى اللون الذي هددوني به ،والهتافات من كل حدب وصوب ..المجد والخلود للشهيد البطل ..والموت للقتلة والخونة..!! ابتسمت وهمست : والله كثير علي هيك .. ما اروعك يا شعبي .. انت وحدك معلمي وملهمي.. اكتسبت من معاناتك ومن مفارقات ايامك. طبيعتي الساخرة .!! وما اروع الموت في سبيلك..!!

وصلت المظاهرة بجسدي الى مسجد (السنية) .. لان المسجد الكبير هدم بفعل الشيخوخة ليبنى مكانه مسجدا اكثر سعة وشبابا..!! ولكي يليق بصلاة الحجيج من أمراء الخليج..!!

يبهرني صوت الشيخ عبد الباسط (واذا الموءودة سئلت.. بأي ذنبت قتلت..؟!!)

صلى الناس جماعة ،وصليت بينهم..وصلوا صلاة الجنازة ، وهرولوا حاملين النعش وسط زخات من الرصاص ..!! تمنيت الا يطلقوا أكثر وان يوفروه لعدو .. ياااالله ما أقبح الرصاص حين يوجه من اخ لأخيه..!!

وصلوا بسفريات الدار الآخرة إلى المقبرة الغربية.. شممت هواء البحر ..أنعشني... تحلقوا حول القبر.. أنزلوني فيه ،وسدوا علي..كوموا الرمل ،ورشوه بالماء ،ووضعوا الأكاليل ..وسط نحيب لا ينقطع.. صمت الجميع .. بدأ احدهم بالتلقين ،والدعاء ..ياالهي .. الم يجدوا غير هذا المنافق الذي لطالما كفرني ،وحرض علي ،وعلى كل ماهو وطني!!

كنت أتمنى ان افضحه بين الخلق ..لكن لا حيلة لي..!! همست قانعا بابتسامتي الساخرة :طب أيها الجسد الفاني بمن حولك من الراقدين، وبالهدأة الوافرة..!!

كنت اتامل الوجوه المغادرة الصادقة منها ،والمنافقة..وابتسم

حلقت حول قبري قليلا ، ثم اخترقت التراب والبلاط ،وتسللت الى الجسد.. كنت اسمع وقع خطوات تبتعد..صمت يسود..مع بعض حفيف الشجر راقني السكون تحللت من كل الاعباء والشجون.. لم ادر كم مر من الوقت .. واذا بكوة من نور ،وصوت ينبعت منها :ابشر ياعبد الله..قتلت غيلة وغدرا ..فغفرنا لك كل خطاياك.. ،وانت الآن كما ولدتك امك ..!!

همست باكيا .. ألف حمد ،وألف شكر لك يا رب .. أشهد أني ولدت مسلما ،وعشت مسلما ،ومت مسلما ..واشهد ألا اله إلا أنت .. محمد نبيك.. وخليلك وصفيك.. أمنت بك وبملائكتك و كتبك ورسلك واليوم الاخر..!!

رد الصوت : اما بالنسبة لقاتليك قبحهم الله فقد اقتص منهما الله في حادث مع مقطورة بعد دقائق.. !!

وبالنسبة لمن افتى لهما بقتلك فقد فضحناه أمام الملا ، وهو يراود أرملة شهيد عن نفسها.. !!

انقطعت المخيلة..كما تنقطع كهرباء غزة.. وأنا أتمتم الحمد لله .. الحمد لله..على الموت وعلى الحياة.

وبدأت اكتب..انا المرحوم أعلاه..!!

الخميس، ٢١ فبراير ٢٠١٣

يا روح مابعدك روح..!!

يا روح ما بعدك روح.!!




توفيق الحاج





من فترة ،وانا اعاني من صداع ماضوي..!! تصحبه منخفضات استوائية ماطرة من الكأبة قد تستمر أسبوعا أواكثر..!! صداع لم تجد معه كل المسكنات بما فيها الترامال الممنوع علنا ، ومن تحت لتحت سرا ..!!

لم اعرف طبيبا حتى( نساء وولادة) إلا وزرته، ومعي صور رنين مغناطيسي ، وأشعة مقطعية للدماغ ..!!

اتفق الجميع على أن دماغي أفضل صحة من دماغ حمار..!! ولمح بعضهم إلى اني( اتدلع.). !! فدعوت في سري ان يبتليهم الله بما أعاني ، والا يضع لهم البركة في الكشفيات التي يلهفونها ..!!

بقيت في حيرة من امري حتى اخبرني صديق بوجود طيبب جديد في غزة يتعامل مع الدماغ ك (فلاش) .. ويفحص ملفاته الكترونيا.. ويستطيع ان يخلصني من أي ملف تالف ،او مفيرس..!!

رقصت فرحا .. ،وأسرعت مع صديقي الى غزة التي لم اعد اعرفها.. فقد تغيرت ملامحها البريئة كثيرا فأصبحت بأحيائها الفخمة ،وفنادقها البحرية أشبه بالغنوجة هيفا..،بينما بقيت المخيمات، والحواري الاثرية على حالها أشبه بالأرملة أمينة رزق في بداية ،ونهاية ..!!

وصلنا ،وبحمد الله بعد جهد جهيد بسيارة عانس هي اقرب للتوكتوك. ،وقد سبقتها كل الكايات ،والماجنومات والجيبات التي تخفي الكامل ،والهامل وراء زجاج البيرسن..!! وهذه الظاهرة مكررة وللأسف متفق عليها بالتمام بين طرفي الانقسام ..!!

دفعنا للسمين الذي يجلس على مكتب 50شيكلا ،واعطاني ورقة صغيرة عليها رقم(49 ).. يااااالله . ألم يجد الا هذا الرقم ..تذكرت ان اليابانيين المتطورين جدا.. يتشائمون جدا من رقمي 4 و9 والاربعين للميت عندهم يوافق اليوم 49.. اللهم ما اجعله خير.. ،وبعدين إلى متى سأنتظر..؟!!

طمأنني الكاتب ،وقال مؤكدا : بعد ساعتين..!!

جلست ،ورفيقي..تأملت ما حولي..من الوجوه الشاحبة ،والصور،والسقف .،.ثم استرخيت....



لحسن حظي ،وبعد 3ساعات من الانتظار نادى الكاتب بصوته الأجش (49) الرقم 49 يدخل ..قمت متثاقلا ،وصديقي من ورائي.. دخلت.. رحب بي الطبيب بقدر ال 50شيكل وهو يفرك أصابعه.. شرحت له ما أعاني وهو يهز راسه،ويكرر اوكي..اوكي. فحصني ع الواقف.،.وتلفظ لنفسه ببعض عبارات لاتينية ،وهمهمات وانا (زي الأطرش في الزفة )..!!

ثم اخبرني ان الامر بسيط جدا ،والصداع سببه بعض ملفات تالفة حفظتها في الذاكرة قبل سنوات ..!!

بعد اخذ ،ورد كما في سوق الحلال .. اتفقت مع السيد (أوكي) كما أسميته... ان يخلصني من صداعي بعملية فنية لا تستغرق أكثر من خمس دقائق مقابل 1000دولار..!!

سالت بصوت خافت: متى..؟!!

رد واثقا:الآن..!!

فزعت ،وقلت برجاء .. يا سيدي أعطني فرصة إلى الغد..كي أرى أهلي، وأودعهم ..و(اللقا ليوم اللقا) كما كان يقول جدى رحمة الله عليه فلربما تفشل العملية ،أو تحدث سكتة دماغية لم تكن بالحسبان ..!!

قاطعني ساخرا..:لا.. لا تخف ..لا تكن جبانا..بس طلع المصاري ،و اتكل على الله.. ، وهز صديقي رأسه مؤيدا..!!

تمتمت مستسلما :والنعم بالله

رقدت ،وراسي بين يدي الطبيب ،وهو يمضغ علكة كأنه يشاهد مباراة مضمونة لنجوم الأهلي مع كفرالبطيخ .. ليوحي الي بزيادة في الثقة ،و موسيقى (المونامور) الهادئة تنبعث من مكان قريب.. كنت حقا في منتهى الرعب ..وهو يغرس إبرة مهدئة في ذراعي، فانا يكاد يغمى علي من مجرد رؤية حقنة البنسلين ..!!

لحظات، وبدأت اشعر بالتمبلة اللذيدة ..كتلميذ ثانوي بليد لم يقرأ جيدا ليلة امتحان الكيميا..

وضع أوكي خمسة مجسات على انحاء مختلفة من رأسي ، وبدأ من خلال حاسوبه الخاص يتجول في ذاكرتي ويهمس يااااه... يا أستاذ ذاكرتك مكتظة بملفات قديمة معظمها يغلب عليه الألم و الحزن.. ،وبعضها ملوث بفيروسات قرصنة ،ولابد من حذفها .. أومأت موافقا وأنا آخر سلطنة.. بدا الطبيب بحذف الملفات واحدا تلو الآخر ..أخذت اشعر براسي تخف شيئا فشيئا..وان لي رغبة غريبة في الطيران مع النهيق والرفس..!! الا ان الصداع لازال يؤرقني ،وبصورة اشد مع تجل واضح لصور، وأحداث بعينها أمام عيني بقوة.. !!

ساد صمت مريب ..الطبيب يظهر على وجهه القلق وحبيبات من العرق... !! هتفت :ايش فيه؟!!..حاول تجاهل السؤال وتحت الحاحي قال بصوت مرتبك: لا اخفي عليك..يا أستاذ..يوجد ملف (ابن ستين كلب)..!! غير قابل للحذف وفشلت معه كل محاولاتي ..!!

هتفت به حاول مرة اخرى.. ارتبك وهو يري الدم ينزف من انفي ومن اذني.. وانا الح متوسلا : ولايهمك .. حاول ..حاول... تركني ،وانهار على الكرسي المقابل.. لا استطيع وقف النزيف..!!

صرخت: ،وما العمل..؟!! فقال: العمل عمل ربنا ..!! وجدتني ابكي بصوت مسموع .. اشهد الا اله الا الله.. واشهد ان محمدا رسول الله .. يد تهزني برفق ،ولسان يقول :وحد الله..!!

فتحت عيني، فإذا بي لا أزال مع صديقي،والكاتب يغط في النوم مع أربعة من المراجعين في صالة الانتظار..ابتسم صديقي قائلا :صح النوم.. نظرت الى الجوال.. الساعة 9 مساء.. قلت: ما بدهاش اليوم شؤم من اوله.. ياللا..ياعلي ..، فاندهش صديقي أكثر.. : وووين ..؟!! قلت :خلاص بطلنا ..!! فرد : وال 50 شيكل ؟!! قلت: في داهية.. يا روح ما بعدك روح..!!



الجمعة، ١٥ فبراير ٢٠١٣

اغتيال..!!

 اغتيال..




توفيق الحاج



مفردة ،ومعنى من أبشع ،وأشنع ،وأقذع ماعرفت..!! اقترح قلع جذرها وشطب مشتقاته من قواميس اللغة

كلمة.. تثير خليطا من الخوف،والرصد،والتدبير بليل ، والكره، والقهر، والغدر،والانحطاط، والظلم ،والسخط..!!

فعل ابتدعه إبليس في رأس قابيل، ثم تبرأ منه، ليصبح تلبيس شياطين الإنس من الظلام،والحكام ،ودعاة الجهل ،والانتقام..!!

اكره علنا هذه الكلمة بكل ما تحوي من اغتيال للجسد، أو للرأي..!! ولا افرق فيها بين اغتيال عدو،أواغتيال صديق..، فالاغتيال هوالاغتيال..!! سرطان البغض ،والإقصاء..،ولا يوجد هناك اغتيال حميد،واغتيال خبيث..!!

أما الذين يخططون له ،وينفذون..فهم في رأيي ،وبكل تجرد ووضوح قمة الشيطنة ،ولا يستحقون الآدمية..!!

أقول هذا ...،ودم (شكري بلعيد) لم يجف ،ولن يجف من أيدي قتلة يتباهون علنا بالفتح العظيم..!!

أقول هذا ،ومشايخ الفتنة الجدد من أمثال (أبو إعدام) ،و (هاتوا لي راجل ).. على نهج كبيرهم..!!

يصدرون الفتاوى المجاهدة بنصرة الناتو ..،وبقتل فلان، وعلان ، وإباحة دم كل من لا يبايع الولاة ،ويدين بالطاعة لأنصاف الدعاة..!!

انظروا الرقص على حبال الشرع.. تدخل فرنسا الحبيبة في ليبيا حلال، وتدخل فرنسا العجيبة في مالي ضلال..!!

ما علينا...

مما يلفت النظر أن من أول حالات الاغتيال في البشرية ما قام به زعيم روحي يهودي !! عندما ضرب بخنجر ذي حدين العمليق ملك مؤاب بعد ان تظاهر بتقديم الهدايا وايات الطاعة والتبجيل..!!

ليصبح الاغتيال نهجا مألوفا في السيرة اليهودية ذاتها..ووسيلة سهلة يرسل فيها ملك المستقبل ملك الحاضر الى الماضي وبالبريد المستعجل..!!

فاغتال مثلا عبشلوم امنون الملك وكلاهما من أبناء داوود عليه السلام لان الثاني اغتصب اخت الاول..!!

،وتواصلت سنة الاغتيال القذرة في زمن الفراعنة بتدابير الكهنة !! وزمن أباطرة الصين ، وأباطرة الرومان وقد استعان المغتالون بهمسات السموم الناعمة ،عدا لغة الخناجر الصاخبة..!!دون الحاجة الى تأذي المشاعر المرهفة بمنظر الدماء النازفة ..!!

وتصل اللعنة من تاريخنا الجاهلي الى الإسلامي الذي بدأ بتصفيات السرايا ليهود ومنافقين..، وبالمقابل أربع محاولات اغتيال فاشلة دبرها اليهود للنبي عليه الصلاة، وأفضل السلام..

وقيل انه مات من اثر سم دس له في فخذ شاة..!! وتنتهي حياة ثلاثة من الخلفاء الراشدين الأربعة على يد نفس المتهم..!! وفي مشهد دموي متكرر ، ومن يقرأ التاريخ الإسلامي جيدا ،وبموضوعية يكتشف انه غارق لأذنيه في دم الاغتيالات والتصفيات..!!

الى درجة ان قضى الحسن مسموما بيد زوجته ، وتبعه 99% من الخلفاء أمويين كانوا، أم عباسيين ..،والذين قضوا بنفس الطريقة سما، أو خنقا ،أو طعنا ،أو قصعا،أو نفخا...!! وعلى خلفية دينية غالبا..!!كما فعل الحشاشون أشهر من نفذ عمليات الاغتيال بالخنجر المسموم طلبا لجنة أعدها لهم شيخهم الحسن بن الصباح..!!

ونصل بسرعة إلى العصر الحديث..، لنرى أن الاغتيال قد تطور، واستفحل ،و أصبح زعيما ممأسسا ،بمعنى ان وراءه مؤسسات ،وادارات تحركه، وتديره كوكالات الاستخبارات، والمنظمات الثورية..!! وأصبح الاغتيال وسيلة متفق عليها ضمنيا بين الحاكم الظالم ، والثائرالمظلوم ليتخلص أي منهما من الاخر ،فكان الحاكم يغتال القائد المعارض، وربما يمشي في جنازته..!! وكان الثائر في نفس الوقت يغتال الحاكم ،أو الوزير ويصبح بطلا..!!

وكم من حوادث الاغتيال التي تلطخ بها التاريخ الحديث.. وأبرزها اغتيال الرؤساء الامريكيين ابراهام لينكولين (محرر العبيد) ،وجيمس غارفيلد ،ومكينلي و جون كيندي.. ثم زعيم السود مارتن لوثر كنج كذلك اغتيال الثائر تشي جيفارا و الرئيس التشيلي سلفادور اليندي على يد عملاء السي أي ايه ..

اما في منطقتنا العربية البهية ،فحدث،ولاحرج.. فقد اغتلنا ،وبنيران صديقة على سبيل الذكر لا الحصر.. القاضي الخاندار، والحكمدار، والنقراشي ،وبالمقابل ذهب حسن البنا..!! ثم الملك عبدالله الاول في المسجد الاقصى..!!والملك فيصل الثاني ملك العراق ،وفيصل بن عبد العزيز، ورئيسين لليمن(الحمدي، والغشمي) ووصفي التل ،ويوسف السباعي ،ويذهب الرئيس المؤمن السادات على يد من هم أكثر منه ايمانا..!!

،بينما تم اغتيالنا ،وبنيران إسرائيلية تلبس لباسا دينيا ..في شخوص الشهيد مصطفى حافظ ،وغسان كنفاني وكمال جنبلاط ،وعلى حسن سلامة ،وشهداء الفردان في لبنان ،وشهداء الثورة الفلسطينية في الخارج وعلى راسهم خليل الوزير ،وشهدائها في الداخل ،وأبرزهم يحيى عياش ،واحمد ياسين ،والرنتيسي، وابو على مصطفى الذي رد رفاقه باغتيال الجنرال (زئيفي ) ،وكان اغتيال ابا عمار شاهدا حيا على خسة ،ودناءة عقلية الاغتيال الإسرائيلي نهجا ،وطريقة..!! فهي لم تتورع عن القيام بتصفية (اسحاق رابين )عند الضرورة..!! وقد افشل الله لها عمليه اغتيال مشعل لحكمة أرادها..!!

نفس السلاح القذر الذي يستعمله الغرب ،والإسرائيليون ضدنا لغرض سياسي أو ديني .. نستعمله نحن للأسف ،ولنفس الإغراض فيما بيننا بفتاوى ما انزل الله بها من سلطان ..،وبشكل أكثر بشاعة..ذهب المفكر فرج فودة بتحريض سافر من رجال دين!! والكاتب المسرحي الجزائري عبد القادر علولة ،وأخيرا ،وليس آخرا الشهيد شكري بلعيد وسط سيل من فتاوى الشيطان لمشايخ اخر الزمان..!!

إن الذي يحرض على اغتيال الآخر جسدا او رأيا هو قاتل بلا مواربة .،.وهو سليل قتلة لوثوا الدين والتاريخ بظلامهم ،وتعصبهم ، وجهالتهم التي لا تتوقف عند حد ..، ولابد من السعي إلى محاكمتهم محاكمة إنسانية عادلة بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار، والترصد.. وأي نظام حكم مهما كانت رايته يطبطب عليهم ، ويحميهم إنما هو حكم غاب ..مشارك في القتل ،واستباحة دم الأبرياء.. ،وان ظن الموافقون أن دم شهيد، أو شهيدين يخيف المعارضين.. فهم واهمون ،وليتعظوا مما حدث للسابقين ..!!

ولعل فقد اثار بعض المعارضين ،واكتشاف جثتهم بعد حين ،وقد ظهرت عليها اثار التعذيب كما حدث للناشط المصري احمد الجندي يعطي الإيحاء بان جهة محترفة وراء ذلك ..، وان هناك من هم مستعدون للقتل في سبيل الحكم..!!

المفارقة الخالدة وعلى مدي التاريخ.. تسخر دائما من القتلة والمحرضين على القتل..الذين يلقون بعارهم في اقرب مكب للنفايات..!! بينما الشهداء يصعدون بدمائهم الى الباري (اللهم اجعلنا منهم) وقد خلدتهم بمداد من نور اطهر، واجل الذكريات..!!

تذكرة:

قال سيدنا الفاروق عمر: يهدم الإسلام ثلاث: إمام ضال، و زلة عالم، و جدال منافق بالقرآن ..!!



اللهم ان دينك بريء مما يفترى به عليه..

اللهم من اغتال بريئا او حلما ،او فكرا ..خذه اخذ عزيز مقتدر ..، وافضحه بين الناس قاتلا وكذابا اشر

وخلصنا من شره.. وانصرنا عليه ..أنت المنتصر ..!!

الخميس، ٧ فبراير ٢٠١٣

بنت ناس وبنت كلب..!!


بنت ناس و بنت كلب..!!



توفيق الحاج



يأخذ علي ابني الأكبر من باب ديمقراطية (ان كبر ابنك خاويه)..!! وهو محق تماما ..، أن السياسة تأخذني في مزاربيها ككاتب على حساب الإبداع كشاعر..!! واخذ يطاردني مذكرا بمقاطع من قصائدي الخارجة عن النسق.!!

بالفعل تظل القصيدة بالنسبة لي كما الوطن ..عشقي الأول والأخير ،الا ان عوامل تعرية الرومانسية الثورية ،وحساسية الأحداث من حولي .. خنقتها او تكاد ..،و جعلتني الهث رغم انفي مع اللاهثين وراء مفارقات،وآهات الناس يوما بيوم، وأخرجها في قالبي الساخر أسبوعا بعد أسبوع..!!

واليوم نزولا على رغبة ما يطلبه المحبون..!! سأحاول الخروج من قمقم الغانية اللعوب التي تسيطر على كل شيء بسحرها ودهائها وتجددها ،شاغلة العقول دون القلوب.. ،وانطلق مع ذكريات وعلاقات وانطباعات من تجربتي التربوية.. قد تنفع الأبناء ،والأحفاد..، وقد لا تساوى ما انفق فيها من وقت ومداد..!!

اذكر أول يوم أصبحت فيه معلما بعد نحس مقيم ،ومعاناة شديدة رغم تفوقي.. ،وقد طرت من الفرح مع ربع ورقة ، بحثا عن المدرسة في يوم بارد ،وماطر من أيام كانون..!!وأ ذكر بكل الخير، والإعزاز تحسين مشتهى (ابو توفيق) رحمه الله أول مدير مدرسة استقبلني .. كنت مبتلا تماما .. ارتجف من البرد..، وأكاد ابكي من عزة نفسي..!!

لم يبحث الرجل في قواميس التربية ..، أو ينتظر أوامر عليا توجهه إلى ما يجب فعله.. ،بل أشعل (الكانون) في غرفة الإدارة ليدفئ معلما جديدا بإنسانيته قبل ناره ، ورجاني بحنان الابوة أن أناديه دائما ب (يا با..)..!!

ومن المفارقات النادرة ان عدت الى هذه المدرسة مديرا بعد 32عاما.،.وما ان دخلتها حتى غمرتني الذكريات بالدموع فصليت ركعتين ،ودعوت لابي بالرحمة، وأقسمت أن أسير سيرته..!!



اذكر أيضا طيب الذكر جلال العبادلة ( أبو سامي) الذي عاملني ابنا ،وصديقا ،وعوضني عن فقد أبي غارسا في تواضعه ،وحكمته.. ،فعلمني الكثير دون أن يخدش ذاتي ..!!

هذا الرجل.. أخذته من يده إلى حفل تقاعده ،وهو يصر على أن ينفق الدقيقة الأخيرة في متابعة خروج الطلاب من المدرسة بأمان..!!



واذكر كذلك المرحوم خليل الأعوج (أبو علاء) الذي امتلك حسا فطريا على التواصل مع معلميه، ومن حوله.. يفطر معهم ..،ويمازحهم ،ويشجعهم ،ويرتقى بهم إلى ما يريد ،ويريدون دون تنطع ،أو ضجيج..!!

وأ ذكر المرحوم عبد الرحيم مهدي (ابو احمد ) معلم الرياضيات القاسي الذي حولته خبرة السنين الى مدير مدرسة وديع ينضح طيبة ،ومحبة لمعلميه ،وطلابه ،فتفوح مدرسة الشهيد مصطفى حافظ ،ولا تزال بذكراه العطرة ..،وافخر إني انتميت إليها تلميذا ،ومعلما ،ومديرا .. فكانت بإذن الله حسن الخاتمة..!!

واذكر أخيرا ،وليس آخرا عبد العزيز أبو حطب (ابو خالد) معلمنا الطيب الذي احترمنا ،فاحترمناه .!!، و محمد السنوار (أبو رياض ) أخانا الذي كان يوجهنا بصمت الابتسامة ،وروح النكتة ..و عبد الحافظ ابو الخير (ابو عماد) بخبرته وادبه..!!

قد يظن من لم يعرف هؤلاء.. أني اطرح أسماء ذاهبة لمجرد المجاملة،أو الذكرى العابرة. ،ولكن من يعرفهم حقا ..ولم ينحن لهم اجلالا .. يكفر بأبسط قواعد التقدير،والعرفان..!!

قامات تربوية عرفتها ،وعرفت غيرها ..

نماذج رائعة ونادرة اخترتها حسب المكان من نخيل شامخ وباسق على طول الارض وعرضها ،والزمان ..لكي تخفف عنا وطأة المقارنة مع (عاهات مستديمة ) كثيرة رأيناها ، ونراها اليوم ،ولا علاقة لها البتة بالتربية ،أو الإدارة السليمة..!!

إعاقات تربوية بمعنى الكلمة..كانت،ولا تزال تتفنن في الشك ،والريبة بالمعلم ،والتلصص عليه ،والكيد له.. ،وترى أنها من طينة غير طينته ..!!



أما أساتذتي السالفي الذكر.. فقد كانوا عمالقة بالفطرة..لم يتتلمذ وا بالضرورة على يد (بستالوزي) ،و لم يسمعوا ب(هرم ماسلو)..!! ولم يحفظوا نظريات الإدارة بصما استعدادا لمسابقة ..!! أو تسللوا اليها عبررشوة أو واسطة ..!! بل هي ذاتها التي سعت اليهم، وتشرفت بهم..!!

لم يتخرجوا متعالين مباهين بحرف ال د من جامعة كامبريدج أو اكسفورد ..!! بل تخرجوا بسطاء من جامعة المخيم ،وعلى قارعة الحياة...تشربوا ببطء ،وروية القيم والمبادئ من جذورهم الضاربة في الاعماق ،وصقلوا بالممارسة الهادئة ،والواعية قدراتهم..،فأعطوا الأجيال المتعاقبة نفحات لا تموت من الإبداع والخبرة . ..!!

عايشتهم تلميذا ،ومعلما ، وهم قدوتي، ثم أصبحت بفضله الله ثم بأفضالهم مديرا.. ،لاختار طريقي من بين مدرستين متناقضتين في التربية ،والإدارة.. !!

الأولى : تعتبر المعلم إنسانا ..تقترب منه ..تحس به ،وتتعامل مع مشاعره ،وهمومه، وتطلعاته ،وسبل دفعه ،وتطويره

والثانية : تعتبر المعلم ترسا في آلة ،أو بالأحرى جنديا مقهورا يجب ان يطيع دائما الضابط (المدير)..!! وان ينفذ الأوامر دون أي اعتبار لمعاناته ،أو احترام ذاته ..!! وللأسف فان معظم مدراء اليوم.. ينتمون الى هذه المدرسة التي ربما تنسجم مع الخوف والطاعة..من تحت إلى أعلى!!

وبما يتماشى مع السياسات الخشبية الفوقية ،وخطط الغرف المكيفة لمكاتب التعليم ،والتي تتعامل مع المعلم بمهنية استخبارية جافة ، وتطبق عليه بقسوة نظرية الشك لديكارت (انا اشك..فانا موجود) ،وهو على عكس قاعدة الحق ( متهم الى ان تثبت براءته ) ..!!، كما انه ليس أكثر من مجرد رقم محايد على سجل من الحسنات ،والسيئات قبل الممات..!!

يرصده ناكر، ونكير من مفتش ،أو مدير..!! ويرقد سجل الحساب..!! ورقيا كان، أم الكترونيا حافلا بالثواب ،والعقاب يعلوه الغبار في أرشيف دائرة المستخدمين ..صادعا بأدب ،وانضباط حتى تقوم قيامة المذكور..،أويحال إلى التقاعد!! مع ديباجة تدعو إلى الرثاء ،وهي أشبه ما تكون بالعزاء.. !! و (زي ما شفت خرف) ..كأن المرحوم لم يكن..!!



آمنت جدا بالمدرسة الأولى ،واقتنعت بها ،ومارستها لسنوات بكل ثقة ،وفخر.. ،فحصد ت من الحب والعطاء أضعاف أضعاف ما بذرت..!!

لم أكن مديرا بقدر ما كنت ابا... ،وحققت بأبنائي وبناتي اعجازات ،وانجازات !! فكانوا دائما على قدر التحديات.. ،بينما تداعت هياكل دعاة اسبرطة ،ومنظمو حفلات التملق ، فانكشفت هشاشاتهم ،وتفاهاتهم ،ولم يحصدوا أكثر من شوك الازدراء ،و الكراهية ودعوات المظلومين..!!



لا أنسى النحيب الصامت ،وشرود من حولي طوال الشهر الاخير قبل تقاعدي.. ، استسلمنا لسنة الحياة، واحترقنا للفراق كان عزائي أني خرجت بحبهم ،وقد غرست فيهم قيم الماضي الذي علمني ،وقيم الحاضر الذي أدبني..!! وتركت لهم المستقبل... فضاء واسعا يلونونه بإبداعاتهم ،وأحلامهم..!!

غادرت المسرح راضيا مرضيا.. بعد أن أديت دوري ،وأمانتي بقدر ما استطيع..مشيعا بالعرفان ،والاحترام ،وقد منحت ثقتي ،وتقديري لمن أتوا بعدي ،وتوقعت أن يكونوا امتدادا طيبا له خصوصيته ،وفرادته..!!

،ومما يؤلم النفس ،ويدميها...ان معظم زملائي(المدراء) الذين احترمتهم، وجاملتهم ،وقدرتهم.. لم يكلف احد منهم نفسه ،ولو من باب (يخزي العين ) زيارة عميدهم المتقاعد ، او حتى السؤال عنه..!! اما الحجيج إلى المسئول الفلاني ، ومنافقة المدير العلاني فحدث ، ولا حرج..!!

يا عيب الشوم...!!

لو كانت الأمور تتعلق بالمشاعر فقط لصبرنا ،واحتسبنا....،ولكنها وصلت إلى حد التجاهل أحيانا .. ،وكأن هذا المتقاعد قد تحول بين عشية وضحاها إلى كرسي مستهلك ،أو قصاصة ورق مهملة ضمن سجل قديم في طريقه الى المحرقة..!!

تعودنا .. لم نعد نعتب ان لم ندع ..،وان دعينا.. نأت دائما محملين بالحب والواجب والانتماء والذكريات ..!!

حزنا.. نعم.. ،وتناسينا نعم ... ، لكنها غصة في الحلق مرة ..تجعلنا نتتساءل ،وبكل أدب : لماذا .؟!!

ألا يدرك أولئك العاقون أنهم في طريقنا ماضون ، وسيلقون ما نلقي؟

لا نقول هذا عن جوع إلى الفخفخة ،او الظهور..معاذ الله فالكل يعرف من نحن !! ،وقناعتنا أننا رغم الغياب لا نزال في عين الحضور..!!

ونتساءل أيضا : ألهذه الدرجة وصل الذكاء التربوي الخارق بمن زخرفوا ، وزينوا ،وحفظوا كالببغاوات كل ما كتب عن الإدارة فرسبوا في اول اختبار للذوق ،والتواصل..؟!!



قلت في رسالة تربوية مختصرة وصلت إلى عناوينها..(من لم يقدر ما فات.. لا يستحق ما هو آت ..)..!!

وأقول أيضا :علمنا من سبقنا ان نحترم الماضي في حاضرنا.. لكي يحترمنا المستقبل..!!

وكما وصلنا الى نهاية المشوار .. سيصل غيرنا.. فمن أوفى ،وقدر.. خيرا يره.. ومن عق،وانكر..شرا يره.. هذه حكمة الحياة التي يجب ألا تغيب عن عاقل أو جاهل..!!

أنا مدرك تماما ان هناك انهيارا تراكميا مأساويا في منظومة القيم التربوية ككل.. اسريا ،ومجتمعيا ،وما ذكرت ليس إلا جزء يسير من هذا الانهيار..!!

في النهاية.....

لم اسع أبدا في هذا المقال إلى شخصنة الأمور ،أو فتح النار على أحد..،وإنما هدفت أن أقدم رسالة لقرائي ،و للأبناء المدراء الواعدين.. أبين فيها ان التربية ،إما ان تكون تربية بنت ناس ،أو تربية بنت كلب ..!!

فالتربية الحقة هي ما يوافق الذوق العام ،وقيم الأجداد..،وتطلعات الأحفاد.. ،أما الجو السائد ،والمسموم بالأنانية ،والبغض ،والصراع ،والنفاق، والتحاسد ، والغيبة،والنميمة ..،فهو ليس من التربية في شيء بل هو غثاء يبعث على التقيوء والازدراء..، وأنا منه ،ومن سادته براء..!!

وأقول كاب لا يملك لكم إلا الحب.. انتم قدوة معلميكم في العطاء ،والانتماء.. امنحوهم ما استطعتم من الحب ،والتفهم ،والرعاية.. ،ليعطوكم الأفضل..ولا تنسوا لحظة.. أنكم كنتم ،ولازلتم معلمين

ميزوا.. قارنوا .. حاكموا .. تواصلوا... ثم قولوا كلمتكم ،ولا تخافوا في الحق لومة لائم..!!

اللهم اني قد بلغت.. اللهم فاشهد.

الجمعة، ١ فبراير ٢٠١٣

ياااااللهول.. قول على قول..!!

ياااااللهول.. قول على قول..!!




توفيق الحاج



قد تقولون: لماذا تضعهم في رأسك ،ولا تضعهم في قلبك؟!!

وأقول : إنما الحب لله ومن الله..!! كان لهم ،ولازال عندي بعض الاحترام ،وأنا مضطر للتعرض لهم بالمعروف ،ودون تجن قدر الإمكان ، لاخطائهم وهفواتهم التي لاتليق بشعاراتهم ولكونهم احد أهم الأرقام الصعبة في الحالة الربيعية الراهنة التي لم تزهر ،إلا دما ،وخرابا ،وفرقة..!!

لا احد فوق النقد..ربانيا كان ،أو علمانيا .. رئيسا كان ،أو تعيسا.. ، ولا احد يملك حق الهيمنة ،و فرض الأمر الواقع ،والإقصاء للآخر مهما تعاظم، او تزاعم..!! ويبقى ما أقول حقا شرعيا ،وأصيلا..( ألبسنيه الله ) مثل باقي البشر في التعبير عن رأيي طالما لم يخرج عن صراط الاحترام..!! وفي النهاية ،وبدون تشنج.. ما هذا الرأي إلا وجهة نظر.. لا أكثر،ولا أقل لها من يقبلها ،ولها أيضا من يرفضها..،ولكن بأدب..!!

قد يغضبون.. ،ويمنعون ،ويحجبون ،وينكرون ..!! هذا شانهم.. ،ولن يدهشني ذلك ..فهم لن يختلفوا عن أي قبيلة أخرى في فهمهم للديمقراطية العربية االمتوارثة ابا عن جد ( مادمت لست معي ،فانت ضدي)!!

ماعلينا..

قبل 25 يناير..

الاخوان .. نائمون.. يتسللون..يتمسكنون.. يتباركون.. يتغلغلون.. يتقارضون .. يتسايسون ..يتكتكون ..يترابحون.. يتأمركون..!!

في 25يناير..

الاخوان.. حائرون.. يفكرون..يترددون.. يتمرشدون.. يخططون.. يدبرون.. يتهياون.. يتقافزون..

بعد 25 يناير..

الاخوان ..ثائرون.. يتظاهرون.. يتقدمون.. يتعسكرون.. يتناخبون.. يبايعون .. يسيطرون.. يتقاسمون ..يتمكنون يتفشخرون..يتنكرون.. يتخاصمون..يكفرون.. يلعنون ،ويشتمون ،ويضربون.. يقدمون ..يؤخرون ..يتلخبطون.. يبررون.. يحللون..يسبحون.. ،والمصيبة رغم ذلك لا تهون..!!



*

فعلا مصر في مصيبة.... ،وأيامها لاشك عصيبة .. كانت من قبل في فساد ،واليوم في حرب ،وتمزيق البلاد..

،وغدا يعلم الله ما يجرى للعباد .. لقمة العيش ضاقت على الفقراء .. ،والدعاة الموسرون يجأرون بالدعاء .. الجوع كافر.. ،والاقتصاد لا دين له..!! الاقتصاد لا يعرف النبي، ولم يقرأ كتابه..، ولا يعرف أشكال التفنن في الوعظ ،أو بلاغة الكتابة.. الاقتصاد..ليس حفظا لسيرة الخلفاء ،والتيمن بالصحابة.. الاقتصاد ..كم تساوي ،وكم تعطي، وكم تنفق .. الاقتصاد غابة..!! ومن غازل الدولار يا مولاي أصابته الجنابة..!!





*

يقولون..عالم حر.. شعب حر.. وطن حر..جيش حر ..حزب حر,.. زعيم حر.. اعلام حر..كاتب حر.. ذهب حر..زيت حر.. رسم حر.. شعر حر.. كلام حر..عمل حر..انت حر، وانا حر.. ، ومع ذلك فنحن في (خزان غسان ) نعاني من أقذر أنواع العبودية ،وفي اشد الحاجة إلى شبر من كرامة ، ونسمة من حرية..!!



*

بحجة أو بغيرها....من يعتقل كاتبا .. يلق الله كاذبا..!!

بمناسبة الكتاب والصحفيين في وطننا العربي المهين..هم ولله الحمد قسمان :قسم البررة المبشرين..و(التابعين) باحسان الى يوم الدين..!! وقسم الكفرة المنافقين المنذرين.. ،فمن مشى منهم على الصراط المستقيم.. اهلا وسهلا..نال النعيم ،والرضا ومن لم يمش نال الجحيم ،و الغضا ..تكسر له قدماه ،وتسمل له عيناه ،ويضرب مقلوباعلى قفاه ،وستقوم قيامته مبكرا بإذن الله..!!



*

عشقت الكرة.. في طفولتي غازلتها فكسرت رجلي خمس مرات ولم اتب.. في شبابي سمعتها وشاهدتها (خذ وهات) بين فارسين هما الأهلي، والزمالك.. في شيخوختي لازلت اعشقها .. رغم ما جرى في حقها من مذبحة

قبل عام ..75 بريئا ذبحوا بروح رياضية لا يفهمها الا البلطجية .. واليوم يلحقهم 40 غاضبا في انفلات المسئولية..

لا تلعنوا الكرة .. الكرة بريئة..

لا تلعنوا الكرة...العنوا من صيروها حشيشا ، واشبعوها تعصبا ، وجعلوها تجارة (بص شوف.. اسيادنا بتعمل ايه)..!!

لا تلعنوا الكرة...العنوا من لعبوا في دوري الحياة باسمنا ،ومن رقصونا.. ،ووضعونا في مصيدة التسلل دائما ،واشبعونا ضربات جزاء ظالمة ،ونحن نهتف لهم ..لم يمنحونا أي ضربة حرة مباشرة ،أو غير مباشرة ،ورفعوا الكروت الحمراء في وجوهنا.. ،ووعدونا بالفوز في كل المباريات ، فكانوا مهاجمين خائبين مدافعين عاجزين ..مبعثرين مفككين.. ، فانهزموا..مع الرأفة..بعد ان أضاعوا ا لفرص السهلة أمام المرمى.. لم يحرزوا هدفا من الأهداف الانتخابية التي وعدونا بها ،ومع ذلك أجبرونا في كل مرة على الاحتفال دوما بالنصر المبين..!!



*

منذ سنتين ونحن نسمع ونشاهد الجزيرة التي خسرت شرفها الإعلامي بامتياز.. تقسم بالفيديوهات ،والاخبار العاجلة أن ثوار الحر، والنصرة ..ا لمشتغلين بالأجرة..!! يتقدمون .. يسيطرون ..يحررون.. هذا حاجز، وهذا بئر نفط ، وهذه ثكنة ،وهذا مطار.. فتحسسنا بان (سوريا بشار) تحررت ، وتحولت الى (سوريا العرعور) مع انتهاء نشرة الاخبار..!! والحقيقة المرة.. ان سوريا تذبح كل يوم بمباركة الجميع ،وتدمر بالكامل تدمير ممنهجا لصالح التتار.. من متصارعين احمقين ..أولهما حمار، والثاني سمسار..!!

خبر عاجل :بعد الغارة يرفع شعار (إسرائيل،وتركيا ،وقطر.. معا وسويا حتى النصر)..!!



*

نبوءة:

ربما بعد عام، أو عشرة أعوام، أو مائة عام ..ستختفي من الحظيرة العربية حتما كل الشعارات الدينجية ،والقومجية ،والوطنجية، والفصائلية، والقبائلية ،والحربجية.. وتبقى فقط روح الانتماء للكرامة الإنسانية العارية من كل زيف ، والمسلحة بالوعي ،والعلم، وا لكفاءة،والاستحقاق، والنزاهة !!



*

ما علاقة المطربة الدلوعة ذات الفستان القصير (دوللي شاهين) بحرية ،وعدالة الإخوان المسلمين ..؟!!

سؤال يجيب عليه منظمو احتفال الغردقة ،والزندقة في البحر الأحمر..!!



*

مسئول ،وتربوي كبير يصدر أمرا برفض خارطة فلسطين ..!! المكتوب عليها(معا وسويا حتما سنعود.. وصيتي..تمسكوا بالمقاومة واستعيدوا الوحدة .د.جورج حبش)

ترى هل رفض صورة الوطن ،أم حق العودة، أم المقاومة ،أم الوحدة الوطنية، أم الحكيم!!؟

كل الإجابات صحيحة..!!