الأربعاء، ٢١ يناير ٢٠٠٩

منتصرون كثيرون و خسارة واحدة..!!

كما توقع العبد الفقير ..تسابق الكثيرون إلى إعلان النصر في محرقة غزة..!!

إسرائيل طبعا  وبعجرفتها المتعالية أعلنت انتصارها الباهر ..!! على الأشلاء الممزقة والمعالم المنصهرة ل 1300 فلسطيني حتى تاريخه ،منهم 600 طفل وامرأة ..!!

وعلى جراح5400 أصيبوا بقنابل ال"دايم " المنضبة والمفسفرة والمسرطنة ،وهي تعد كمفخرة أمريكية أحدث صيحة في عالم القتل الجماعي..!!

وعلى حطام سجن محاصر لا حول له ولا قوة منذ سنوات اسمه قطاع غزة..!!

 

وهنا سارعنا نحن أيضا إلى إعلان النصر على عدو دموي وقبيح لازال يربض فوق تخومنا ،ويدلدل رجلاه فوق أكتافنا ..

وحجتنا المنطقية أننا انتصرنا في معركة الإرادات ،وصمدنا 22 يوما

أمام جبروت آلة عسكرية لم تصمد أمامها دول مدة 6 ساعات..!!

 

وإذا جاز لي من باب حرية الرأي الخارج لتوه من ضباب القصف الهمجي ومن غيبوبة الخطاب المنبري  فان من واجبي أن أقول للمنتصرين من هنا وهناك أننا كلنا خسرنا..

إسرائيل رغم إمارات احتفالها المكابر والباهت على وجه المريض اولمرت والأزعر باراك.. خسرت وتخسر  بشكل متصا عد ومكرر آدميتها ومبررات وجودها ،وتخسر كذلك الثقة بقيم المدنية الغربية التى تبناها  شعبها ،وكذلك اسطوانة طهارة السلاح المضحكة التي لطالما تشدق بها قادتها السياسيون والعسكريون والذين لولا المحاباة الدولية والخلل الإنساني في المنظومة الأممية الدولية لكان مكان معظمهم الآن في ضيافة القتلة الصربيين ممن قاموا بمذبحة سابرينيتسا الشهيرة..!!

 

ولا أدري حقا.. ما الذي يدعو إسرائيل حقا إلى الاحتفال..؟!!

فصواريخ جراد والقسام لم تتوقف عن العزف ،وحماس لازالت تتنفس وتتحدى..!!

هل هو احتفال انتخابي مبكر لثلاثي الخيبة ليفني وباراك والمعتزل اولمرت تمشيا مع شهوة تملكت  شعبا متعاليا للانتصار على الجنوب بأي ثمن تعويضا عن مرارة لازال يعانيها من الشمال..؟!!

الله أعلم..

 

أما نحن  فكان من المبكر  الفرح بأي نصر قبل أن نتأكد من دفن كل ضحايانا ، ونترحم عليهم بقراءة الفاتحة..،ونصمت ولو دقائق احتراما لهذا الثمن الفادح الذي دفعناه.

 فلا زالت هنا وهناك جثث كثيرة تحت أنقاض مئات البيوت المدمرة..!!

20000 آلف بيت مدمر و20000 أسرة مشتتة منكوبة ،وأحياء بكاملها فقدت معالمها في ليل شتائي قارس بلا ماء أو كهرباء.. كل ذلك وأكثر لن تستطيع كتب النصر والتمجيد مهما أوتيت من البلاغة والفصاحة أن تحيط به و بأبعاده التي تتغلغل عميقا كوابيسا مرعبة في ذاكرات أطفالنا الضحلة ،وو جداناتنا المنفطرة..!!

كل ذلك وأكثر كان يتطلب منا أن نتريث قليلا في رفع عقيرتنا بخطابات الإعجاز والمنعة..!!

 

 كلنا يعرف ،وبعيدا عن البيانات العاجلة من قناة الجزيرة وقناة العربية التي تلاحقت عن تتابعات المحرقة بقسوتها وبطولاتها انه لولا المبادرة المصرية التي تبول عليها البعض ثم هرع إليها عند زيادة الوطأة زحفا لوقف إطلاق النار..!!

ليس مدحا في مبارك  أو نظامه فهو من أكثر زعماء مصر أمركة وانكفاء ونزعا للعروبة وإنما لأن مصلحته تتطلب أن يحمي النظام من تتابعات وأخطار محرقة بحجم غزة تشتعل في خاصرته ،ومن ضغط شعبي عفوي مسير بذكاء لمصلحة أخوانية..!!

 ،ومن مخافة سرقة قطرية أو تركية أو سورية لكاميرا الزعامة العربية التي تتقلدها مصر وبلا منازع منذ عهد عبد الناصر ..!!

ثم..

لنكن أكثر صراحة ولننزل قليلا عن شجرة العنترية الفارغة

ألم تكن المبادرة المصرية  رغم التشكيك  المتعمد بها ،ورغم ضعف رصيدها من حيث قوة الفعل والذي عوضه  الدعم الفرنسي الظاهر والأمريكي الخفي هي الخطوة العملية الوحيدة التي لمسنا لها هنا تاثيرا على أرض الواقع مع كل الاحترام لكل بيانات الممانعة والمصانعة العربية والدولية بدء من  "قلوبنا معكم" وانتهاء بالروح بالدم نفديك  يا فلسطين "..؟!!

وألم تكن قمة الكويت "الرجعية"..!! والتي قال فيها قبل انعقادها أبطال المعارك  التقدمية على شاشات الفضائيات التجارية وفي

صحف البيزنس.. ماقال مالك في الخمر..!!

 الاقرب إلى تقريب النفوس والمصالحة العربيةالضرورية لتضميد الجراح الفلسطينية..؟!!

 

 لقد جاءت مفاجأة  الخطاب السعودي في وقتها فألقمت كبار الغوغائيين حجرا ،وسحبت البساط بذكاء من تحت اقدام خدام الاجندة الايرانية..!!

 

إني في أشد التألم والحزن ،وأنا أذكر هذه الحقيقة الانهزامية المرة ،وكنت أتمنى عوضا عن ذلك أن أكون ناطقا عسكريا عربيا يبشر كل ساعة بتحقيق نصر مؤزر على العدو البغيض وتحرير الأرض السليبة..!!

 

اعرف انه من الصعب جدا على المرء أن يخرج بعقله ورأيه عن السرب  أو القطيع مصارحا ومجاهرا ،وقد يواجه ما يواجه في بلاد لا حرمة لاختلاف المنطق فيها ،ولكن من الأصعب قطعا أن تشتعل الحرب المدمرة الصامتة بين الكاتب وضميره ..!!

 

قرأت مثلا وشاهدت بكل التقزز ما جرى للزعيم عادل إمام  من توجيه سيل من أقذع الاهانات والشتائم على الطريقتين العربية والإسلامية

وانبرى له مشايخ كثر بفتاوى التجريم والتحريم وربما التخوين ووصل الأمر الاستتابة وكأنه إبليس أو أبي لهب هبط على الأرض فجأة..،!!

كل هذا لأنه خالفنا الرأي وانتقد أفعالا تسببت بما نحن فيه..!!

 

اعرف أن  أبطال ورواد هكذا حالة قبيحة ومزرية يتحكم بها تمجيد وتقديس الرأي الغالب نولا تتحمل مجرد الاختلاف الذي لا يفسد للود قضية يبحثون دائما عن "بردعة " هنا أو هناك يصبون عليها جام غضبهم تعويضا عن نقص حضاري ما ،أو تنفيسا عن إفلاس وعجز..!!

 

وأنا شخصيا لا أحترم البتة أفرادا وجماعات مهما كان وزنها، لا تحترم الرأي الآخر ،ولا تقيم وزنا لحرية التعبير  ،وفي رأيي أنه لا خير في امة تصرخ في العالمين ليل نهار طالبة حقها في الحرية ،بينما هي تكمم الأفواه ،وتحاصر الأقلام الخارجة عن النسق ،وترهب من يجرؤ على طرح فكرة تخدش التابوهات العتيقة..!!   

   في النهاية لا استطيع منع نفس من الضحك المر وأنا أشاهد واسمع زغاريد المنتصرين على حطام خسارة عريضة وثقيلة لا تعوض من البشر والحجر كان بالإمكان تفاديها  ،وهذا هو الانتصار الحقيقي الذي خاننا فيه ذكاؤنا للأسف..!!


السبت، ١٧ يناير ٢٠٠٩

يا فرحتي..بدل القمة ..قمتين.. ..!!

بداية أنا لست فصائليا.. ولا انقساميا.. ومن يعرفني جيدا لا يجد عندي شبهة ولو صغيرة في تملق اصفرار فتح أو التغزل باخضرار عيون حماس ويغنيني شرفا عن هذه وتلك اني فلسطيني وكفى شاء من شاء وابى من ابى..!!

أقول هذا واستغفر الله لمن يرجمنى غربا أن قلت للشرق أعور في عينه ولمن يرجمنى شرقا أن قلت للغرب  اتق الله ..!!

هكذا هو حال ثقافة الاختلاف في الرأي  عند المتعنترين والمتفيهقين و المتنطعين من أرباع المتسيسين وفي مجتمع يكاد يكون متخلفا في كل شيء و لا يؤمن إلا بالقول السائر "من ليس معي فهو علي "..!!

 

ماعلينا..

حال غزة.. لا يخفى على أحد وبعد 22 يوما بالتمام والكمال من الخض والعك ،يتمخض الجبل العربي فيلد قمتين ،وقعدة خليجية على دلة قهوة بيضا زيادة على البيعة.

 

 أولا :قمة "ممانعة"قطرية تجلت تبارك الله يوم السبت، وضمت القرعة وأم الشعور  ،وقد شفت الصدور..!!

حرصت على سماع معظم شخوصها وأفعل ذلك لأول مرة منذ سنوات بعد قناعة شخصية من أن سماع مطولة لفريد الأطرش أو الست أفضل وأجدى..!!

كلام جميل ..وكلام معقول كما تغني ليلى مراد تدفأت به في زمهرير كانون ..يذكرني بكلام لعبد الناصر الذي عرف قيمته الآن من لعنوه وشمتوا به وبالنكسة..!!

ولكن أقول للإخوة المتقطرين..!!:

 خذوني على قد عقلي

تحملوا مني..لو سمحتم وبدون زعل أو تخوين بعض التساؤلات والملاحظات.

-مرحى لحضور الحبيبة والحليفة إيران التي امدتنا بصواريخ جراد وفي نفس الوقت تخلت طوعا عن اراض  عربية وإعادتها مشكورة إلى الإمارات..!!

-هل قطر بما فعلت قربت  أم فرقت وعمقت ..؟!!

- من أين لي أن أثق بقرارات رائعة لقمة صمود وتصدي لا تبعد سوى أمتار عن أكبر قاعدة امريكية في الشرق الاوسط..؟!!

- اعجبتني البلاغة السورية التي كانت قريبة جدا من قطف ثمار المفاوضات السرية برعاية تركيا إلا أن دخول غزة المحترقة على الخط  أحرج من احرج وأفسد كل شيء..!!

وننتظر الان تمشيا مع مارش القمة الحماسي أن تتخلى الجبهة السورية عن صمتها الطويل من باب أولى..!!

-شكرا لتركيا المسلمة التي أعادت الينا قبل حضورها المؤتمر مباشرة لواء الاسكندرونة ،وقطعت علاقاتها بأمريكا وحلف الاطلسي ،وتفاهماتها العسكرية العميقة مع إسرائيل..!! 

- من يكره أن يكون كل الحضور في القمة القطرية  مشاريع بطولات حقيقية  من طراز صلاح الدين و قطز وبيبرس..؟!!

ومن يكره أن نستيقظ باكر لنرى إسرائيل وقد اختفت  على وقع حوافر الجيوش العربية وتحررت الأراضي السليبة من الأندلس وحتى الاسكندرونة مرورا بفلسطين طبعا..؟!!

يا ناس ..

 كفاية.. عشت عمري كله وانا اسمع دون جدوى الخطب والاغاني عن تحرير القدس وأننا إليها قادمون..!!

يا ناس ..انا مع المقاومة..ولكن مقاومة فلسطينية خالصةواحدة موحدة وليست مقاومة فصائلية متشرذمة مرتهنة لهذا المحور أو ذاك

ياناس..   رغم بحر الدم من الأبرياء الذي يفوق كل تصور..يقولون أن المقاومة لا تزال بخير  الحمد لله، لذا فليضح من يريد بما يشاء من شعبي وبالكم الذي يرغب.. فيكفينا فخرا أن الله أرسلهم  إلينا لينقذوا أمثالي من جبنهم وخوفهم .

 

إني على ثقة من أن هذه القمة مع احترامي لحضورها ولقراراتها لم تكن إلا مناسبة تظاهرية عاجزة انتهت من حيث بدأت فلا أثر و لا تأثير..وهي ببساطة لا تملك أن تفرض شروطا..!!بل دشنت ومن أوسع الأبواب لانقسام عربي رسمي واضح وفاضح..!!

 

ثانيا : قمة " مصانعة"كويتية

 

تتجلى يوم الاثنين.. وفيها الحضور المصري السعودي أكثر قربا وواقعية مما يدور على الأرض ،ويسابق الزمن تحت الضغط الشعبي المتزايد لوقف المذبحة اليوم قبل الغد وللمفارقة  أن حماس التي تعيش بقلبها وطموحاتها مع قمة قطر  بدأت تشغل عقلها البراجماتي المعروف وأخذت تتعاطى مع هذا المنكر بغض النظر عن حدة الشعارات و قوة الحناجر..!!

لاشك أن المقاومة صمدت واستبسلت أكثر مما كان متوقعا ولكنها وبدون دعم لوجستي عربي ملموس  ومع تزايد سقوط الضحايا المدنيين باتت  أمام خيارين لا ثالث لهما ..اما القبول بالمبادرة المصرية محسنة بالمقبلات التركية أو ضياع الامارة..!!

إسرائيل ليست في عجلة من أمرها ،وهي تبدو كمصاص دماء متعال ومتخبط.. وينتظر أن تعلن وقف إطلاق نار من طرف واحد  استهانة بكل المسلمين والعرب واستتفاها لكل عناوينهم ..!!

عباس معاق..وعاجز عن فعل أي شيء بعد أن قطعت حماس يده الغزاوية ..والأمور هنا مرشحة لتزداد سوءا وربما تطال الضفة ،بينما أهل قمة المصانعة جميعهم شبه مقعدين لا يملكون في الحقيقة إلا الدعاء لله والرجاء من أمريكا وأوروبا بوقف عجلة الموت في غزة.

هذه هي الحقيقة تفرض نفسها بين قمتين تجاريتين متعارضتين تتفقان  للاسف في العجز والانسحاب من المكان مع استفحال الانقسام والتشرذم بينما المأساة تتدحرج أكثر فأكثر.

إننا الآن أمام وجهين لعملة واحدة في قمة للممانعة وأخرى للمصانعة

فمن المحزن طبعا أن يعلن  زعماء بوضوح عجزهم و عمالتهم وخنوعهم واستسلامهم ،ولكن من المغيظ حقا أن يتاجر بدمنا زعماء مراهقون ومكابرون ومزايدون..بل وعاجزون أيضا!!


الأربعاء، ٧ يناير ٢٠٠٩

يا كلنا..يا وحدنا


الآن.. الآن.. وليس غدا ..أجراس الوحدة  فلتقرع..!!

حانت لحظة الحقيقة لكل ما هو فلسطيني يا فيروز..

الميركفاة المفولذة من أمامنا وزوارق الدبورا الشرسة من خلفنا ووتشكيلة الزنانات والاباتشي والاف 16 من فوقنا وكلها لم يجربها طارق بن زياد وقت أن كانت الحرب سيفا في مواجهة سيف..!!

حانت لحظة الحقيقة على خلفية من اتساع متوقع لبقعة الزيت في مواجهة الرصاص المصبوب..!!

 

لم نعد كلنا مستهدفين  بل  أصبحنا بالفعل  عجينا بشريا بفعل احدث صيحات القنابل المنضبة الفتاكة تختلط فيه أشلاء اسر كاملة بكتل الباطون والدخان والغبار.. بركة من دم الأطفال الرخيص عربيا ودوليا تغطي وجه غزة.. !!

موت في غزة لا يفرق بين المؤمنين والمرجفين ولا يميز بين الصابرين والمنافقين  وكل التسميات والألقاب ودرجات التصنيف التي لا زال يطلقها البعض على البعض في ذات المحرقة أصبحت تثير الضحك الهستيري والسخرية معا ..وكأنهم يرشون على المر سكر..!!

يااااااا

كلنا تحت رحمة قنابل زنتها طن ونصف صنعت خصيصا  في أمريكا تدمر في لمع البصر كل شيء في مساحة 100م مربع وبعمق 7 أمتار ..!!

ياكلنا معمل تجارب حقيقي لأحدث ما تتفتق عنه عقلية القتل والتدمير..!!

والنتيجة المأساوية بين الكف والمخرز 1:100

ياكلنا نتشهد جماعة على أرواحنا  قبل أن يقهرنا النعاس سويعات قليلة بعد اللهاث المستمر بين محطات ال اف ام المقاتلة

 

الفاخورة..اسم لن ينساه حتى من يعانون الالزهايمر.. خاصة وان50  شهيدا جلهم من الأطفال أصعدوا إلى الرب وفي وجبة واحدة ..!!

 

 أبعاد دموية جديدة لها مغزى لمذابح تنفذها حمامات السلام العبرية بدقة متناهية في مدارس وكالة الغوث التي لجأ إليها الهاربون من قصف الدبابات

في اليوم العاشر..

في اليوم العشرين ..

لم تعد للأيام قيمة  وعدد الشهداء يهرع نحو الألف وعدد الجرحى في طريقه إلى الخمسة آلاف

لم يعد للأخبار من معنى وهي تتحدث عن مساعي جول ومفاوضات سركوزي ومداولات مجلس الأمن ..بينما طاحونة اللحم الطري تدور بوحشية لا نظير لها..!!

قلبي مع المتمترسين..

قلبي مع المقاومة.. وصورة تلميذي ذي العشرين ربيعا لا تفارقني

قلبي مع الثكالى و الأيامى و اليتامى

قلبي على الجراح الساخنة الأنفي الزيتون..والشجاعية..وجبل الكاشف  ..!!

قلبي مع رفح التي لم ترتجف أمام ليل المجزرة..!!

لكنها الأسئلة التي تلح علي وتطاردني كما تطاردني أم العيال طلبا لأشياء شبه مستحيلة تحت القصف

لماذا وصلنا إلى هاهنا..؟!!

وكيف الخروج..؟!!

 ألم يكن استقطابنا إلى محورين وما جرى بسببه من انقسام معجلا في الوصول إلى هذه اللحظة..؟!!

هل وجدنا عدا الخطابات النارية والعقلانية من يخفف الضغط عنا بفتح جبهة عسكرية في الشمال أو الشرق أو الجنوب..؟!!

ما الحقيقة المرة..والعارية التي لم تعد تخفى حتى على عيون  أطفالنا الخائفة..!!

يا وحدنا.. استعيدها من درويش الذي قالها في لحظة مماثلة..

يا وحدنا..

برغم الدعوات والتمنيات والبكائيات والتوسلات والفضائيات والعنتريات..!!

يا وحدنا

برغم نظريات القومجة و الأسلمة وحتى الأنسنة..

يا وحدنا..

نستدفئ بمظاهرات عارمة عاجزة من أقصى الأرض إلى أقصاها..!!

نشحن روحنا المعنوية من حنجرة "احمد سعيد" وبلاغة "الصحاف" في  فضائيات البسوس وصحف الشرذمة..!!

نحلم بأن يهب  القادة العرب من فرط لعناتنا ودعواتنا عليهم ويدركوننا في اللحظة الأخيرة  كما في نهايات الأفلام العربية..!!

عشرات الأغاني الوطنية والإسلامية..

ومئات القصائد والمقالات النارية والتحليلات السياسية والعسكرية العاطفية تؤكد حتمية النصر..

 أتمنى و أدعو الله الذي لا يحتكره أحد  أن يلطف بنا  ليس من أجل حزب أو فصيل بعينه  وإنما من أجل شعب مقهور لم يجد بعد إلى الخلاص من سبيل..!!

ولكن مع الاحترام للحليف والرديف والثقيل والخفيف..نحن وحدنا ولم نجد سندا حقيقيا وملموسا في مواجهة عجلة الموت عدا ظواهر صوتية لا تحمي من رصاصة..!!

في لحظة الحقيقة هذه نحن جميعا في القصعة وحدنا مدعوون إلى ما يلي للخروج من محنتنا وانقاذ مستقبل أجيالنا القادمة :

 

 أولا: التوقف فورا عن المشاتمات والشماتات والملاحقات والمزايدات وتجسيد الوحدة الوطنية بأجلى صورها أمام الهجمة الغادرة.

ولا تقولوا لي كيف..!!

 

ثانيا: التوقف عن رجم مصر بالحق وبالباطل متناسين عن عمد تاريخها وشهدائها وعروبتها و لا يليق  الغمز في قناة قادتها اليوم وتبادل القبلات مع كيل المديح بعد أسبوع.

 

 ثالثا: مراجعة خطواتنا ..طالما  أردنا الاقتداء بحزب الله   فخورين طبعا بالبطولات واستبسالات الصمود حتى الآن فالفلسطيني لا يقل قطعا شجاعة وبسالة عن اللبناني

فلربما أخطأنا في بداية هذه الحرب كما أخطأ حزب الله وعلينا أن نمتلك شجاعة الاعتراف كما اعترف السيد نصر الله  بخطأ خطف الجنود في بداية حرب 2006

 

حقا ستنتهي الحرب اليوم أو غدا.. بالسلاح  أو بقرار سياسي وسيسارع القاتل والقتيل على السواء إلى إعلان النصر.. ولكني

على ثقة من أن هذا الثمن الباهظ والمفتوح من ضحايانا سيحرم الجميع من متعة انتصار تتلاشى أمام غزارة الدم خجلا ..

 أفكر الآن فقط في كيفية الخروج بأطفال جدد مرشحين للمقصلة..

 أفكر الآن فقط في بأسر كاملة أخرى قد تهرسها قنابل الشيطان..

فأصرخ من قهري وبأشلاء  بريئة مقطعة  في العالم المتحضر : لست جديرا بحياة لم تصن حقنا فيها ..!!

 

يا لله..ليس من قلة في الإيمان  أو زيادة في الخوف  إنما

لا املك قدرة الآخرين على تحمل المزيد من صور الأطفال الشهداء من اجل شهوة أو نشوة ..!!

أفكر الآن في اللحظة القادمة.. بينما  المذياع يزعق بنغمة الدلعونا "يا غزة ويلو ياللي يعادينا"..!!