الاثنين، ٢٩ أكتوبر ٢٠٠٧

سطو مسلح على ثوب أمى

منتصف الليل يقترب..
كآبة لا أدري كنهها..
وأنا أتقلب على جمر واقع يومي..وتمزق متكرر بين إذاعات الدكاكين السياسية المنتشرة على ال f.m السافرة و المحجبة منها والمنقبة،وبانتظار دقات الساعة أدرت مؤشر المذياع بحثا عن إذاعة لندن لسماع أخر الأنباء حيث ثبت بالذات أنها أصدق إنباء من كل إذاعات الطوائف..!!
فجأة تسللت الى مسامعي نغمات فلسطينية حزينة أدركت أنها على الفور أنها لأغنية وطنية شهيرة "من سجن عكا طلعت جنازة..لمحمد حمجوم وفؤاد حجازي.." وهي التي رسخت في عمق الوجدان وأعادت الى الذاكرة المثقوبة يوم الثلاثاء الحمراء إبان الاحتلال البريطاني البغيض..!!
لكن المفاجأة التي صعقتني وحولتني من الواضع راقدا الى الوضع واقفا هو كلمات فصائلية ركبت على اللحن عنوة فخلعت عنه جلال حزنه وألبسته لونا فجا..فاقعا ومبتذلا يندرج تحت قائمة الهتاف والشرذمة..!!
ليست هذه المرة الأولى التي يسطو فيها البعض على بيارة الفلكلور الفلسطيني التي ذهب نواطيرها وانهدم سياجها وجفت أغصان أشجارها بسبب الإهمال وعدم الشعور بالمسئولية فاغتصب من اغتصب من الألحان والأغنيات الوطنية شموليتها وتجذرها وبراءتها وأخذ يعبث متعمدا بوجداننا العام مقابل حفنة من أنانيات عنترية وفرديات عنطزة لحظية لا تغني ولا تسمن إذا ما قورنت بديمومة التاريخ..!!
فمن ينظر الى تلك الأغاني الرخامية المتكلفة التي وضعت خصيصا وعلى عجل لتمجيد الزعماء والأمراء والملوك..يرى أنها قد تبخرت وتلاشت بذهاب أولئك ولم يبق منها إلا شواهد قبور متجهمة منسية تدل على تفاهة أصحابها..على ضفاف نهر جار من إبداعات الفقراء وأحاسيسهم الفطرية نحو ما يحبون من أرض ويعشقون من بشر..!!
ليست هذه السرقة وهذا التزوير السابقة الأولى..فقد تمت وتتم سوابق وجرائم كثيرة من جهات عديدة مثل اغتصاب لحن "جفرا ويا هالربع "ولحن "ياظريف الطول "والميجنا والعتابا وحتى لحن "بكتب اسمك يابلادي" الشهير والذي يعبر عن المجموع الوطني تحول بقدرة قادر الى بكتب اسمك يا.... معبرا عن المفرد الحزبي..!!
ليس في هذا ما هو جديد وإنما هو تقليد بليد بل وقبيح لسرقات إسرائيلية استهدفت في السبعينات من القرن الماضي إلحاننا وأثوابنا وأكلاتنا و دبكاتنا وأدواتنا وتاريخنا بهدف طمس الهوية الوطنية الفلسطينية التي استعصت على جنازير الدبابات..!!
لقد أصبح غياب الضمير والوازع الديني والإنساني بؤرة خصبة لأبشع عمليات التزييف والغش فنسمع مثلا عن جزار فريد في تونس أطعم الصائمين طوال شهر رمضان الفائت 65 حمارا بالتمام والكمال..!! ونسمع أيضا عندنا عن غش زيت الزيتون بزيت الذرة والمياه المفلترة بمياه بلدية والطحين بمسحوق البطاطا وحلوى الأطفال بالإصباغ المسرطنة و... و... مما يسبب حتما البلاوي والموت المحقق..!!
وكذلك أصبحت السرقات العلمية والادبية والفنية موضة في عصر الرخيص،فهناك رسائل دكتوراة لأنصاف عظماء وأرباع مشاهير يكتشف أنها رقصت كاملة وبالحرف على أنغام "قص ولزق"..!!
ومقالات صحفية ورقية والكترونية يسطى عليها "عينك عينك "وفي وضح النهار من أعلام في مجال الإعلام.!!كما حدث معي قبل عام وكما حدث وقرأنا في فضيحة مذيع الجزيرة قبل أيام..!!
كل هذا يذكرني أن السرقات والسطو الأدبي والفني..موجود وجودنا كأمة وتاريخ..بلا تجمل أو مواربة فجدنا الفرزدق سطا ذات يوم على بيت أعجبه لجميل بن معمر وخيره بين قبول السطو أو السيف..!!
وارثنا الثقأفي يحوى بلا فخر ولمن يريد المعرفة العشرات بل المئات من حالات السطو الصامتة..!!
وبالتالي فإن التشويه المتعمد بالسرقة أو السطو على التراث كأهم مرتكزاتنا الشعبية..!! لهو أمر طبيعي ومتوقع أن يحدث في ظل تعهر أخلاقي غير مسبوق من الاحتلال والفاسدين.. رغم بغضنا لمن يسوقه علينا كعملة محلية مزيفة..!!
ولكن إن تتم السرقات والتشويهات بأيد من المفترض أنها فلسطينية..تدعي دائما الطهارة والنزاهة، ويتم من خلال عبثها تحويل التاريخ الفلسطيني العام الى بازارات فصائلية باهتة فان ذلك يعتبر في رأيي جريمة وطنية تستحق الشجب والاستنكار تماما كممارسات الاحتلال ففي كلتي الحالتين استهداف متعمد واغتصاب وطمس..!!
أنا أتفهم أن يوظف الفلكلور في قصائد أو اغان أو لوحات وطنية خالصة تخاطب الجميع وتوحد القلوب على وطن ولكنى لا أفهم مطلقا أن يركع الفلكلور ويجير لمدح نعرة أو قوة و يؤله لون أو شرذمة..بما يشجع التناحر والتباغض..!!
ومن هنا فاني أهيب بكل فلسطيني إن يتنبه الى تلك الظاهرة الاحتلالية الجديدة القديمة لموروثنا الثقافي من بعد احتلال كامل الأرض وأن يقاوم ذلك بكل ما يستطيع من وسائل بغض النظر عن المبررات والأعذار..!!
وأقول لكل من لا يستحى ويسرق ثوب أمه ليزين به عورته أن يرفع يده..!! وألا يلوث موروثنا الحضاري النقي بالتفاهات والهتافات الطائفية فيكفي أن هواءنا ملوث وماءنا ملوث وطعامنا ملوث وذوقنا ملوث كما وأن أحاسيسنا ملوثة وأفكارنا ملوثة وعلاقاتنا ملوثة..!!
في كل هذا.. ألا نستحق إن نحرج بفلكلورنا من دائرة عبث ذوي القرون وهو النقي على مدى قرون..!!

!

الأحد، ٢١ أكتوبر ٢٠٠٧

امارة "كبونستان" العظمى

   سيداتي ..آنساتي.. سادتي من فضائية "حسنة لله"نحييكم وعلى الهواء مباشرة ننتقل بسرعة البرق الى امارة "كبونستان "المستقلة العظمى لنتلقى تقريرا حيا وعاجلا من موقع الحدث يقدمه مدير مكتبنا  هناك"عوض الله الشحات "ويحدثنا فيه عن آخر أخبار وأحوال المواطنين.. فإلى هناك ..   "لله يا محسنين.. حسنة قليلة تمنع بلاوي كثيرة ..هنيا لك يا فاعل الخير ..الأجر والثواب على الله.." أيها السادة المشاهدون.. "عوض الله الشحات " يحييكم من ميدان الجندي المنشول وسط مدينة " مجاعة " عاصمة امارة "كبووونستان " المستقلة العظمى وقد استمعتم لتوكم الى النشيد الأميري الذي قام بتأليفه الشاعر الكبير " طفران المصدي " ولحنه الفنان " موجهن أبو رزقة" وقام بأدائه أشبال حركة التسول الجماهيرية بمنطقتي"ألحقونا  يا عالم..وجاي يا زلام جاي "..!! قد ينكر من يرغب بسبب الظروف غير الملائمة وقد يؤكد من يغضب بسبب الشواهد الموائمة..!! ولكنها إمارة شاء من شاء وأبى من أبى بدليل وجود "أمير" على رأس كل قالب من قوالب الهرم..!! وهي امارة "كبوونستان "نسبة الى الكبوونة التي هي مصدر قوت غالبية السكان..!! الآن.. أرجو من جمهور المشاهدين ألا يفاجأ من  الملابس المشرتحة التي نلبسها  فهي أفضل ما تبقى لنا بعد إن وقعت الواقعة وما لوقعتها كاذبة وقد أصبحنا رسميا وعلنا من وجهة النظر الإسرائيلية "أرضا معادية "تستوجب التحطيم والتجويع والخنق..!! ،ومن لا يصدق فليشاهد مناظر الآلاف من العمال وهم يتشعلقون في العشر الأواخر من رمضان بشبابيك البنوك وكأنها أستار الكعبة لكي يظفروا بالخضراء ذات المائة دولار حتى يواجهوا العيد على قاعدة صلبة..!! وليتأمل من يريد عشرات المدخنين الآن وهم يتشحنكون على سيجارة لف من تتن الهيشة ويريقون ماء وجوههم على سبروسة من سيجارة امبريال بعد أن وصل سعر العلبة الى 35شيكل وخاصة بعد الفتوى المزدوجة بتحليل متاجرة من خلف كمن سلف بالدخان مع كراهة تعاطيه في نفس الوقت. أيها المشاهدون في كل مكان.. لقد وصل حال الفقر وبكل فخر في سلطنتنا العتيدة الى نسبة 75% ومع ذلك نحرق كل 24ساعة مليون دولار تعغيط دخان.. تصوروا..!! صحيح الناس معذورة..وطفرانة..ويتحكم بها منطق "دخن عليها تنجلي" ولكن حرام أن ينفق رب أسرة ال20شيكل الباقية في جيبه ليشتري علبة دخان خنتريش ليعمر الطاسة وأولاده بحاجة الى ربطة خبز أو طبخةباذنجان..!! المسألة فقط بحاجة الى إرادة قوية تتحدى الدخان والمتاجرين به..!! هذا بينما النعم من المناسف والبيتزات ومالذ وطاب لم تنقطع عن الصفوة الواصلين المتكرشين من الأعيان والأتباع  ..!!   لهذا لم ولن يستسلم ولاة أمورنا أدام الله عزهم أمام كل محاولات الحصار ..حتى ولو متنا جميعا في سبيل وطن مكفهر الوجه .. منفطر القلب ..معصوب العينين..مغلق الفم..ممزق الوجدان ..مضروب على قفاه ..ورسنه في يد كل من سبق وأكل النبق..!! وبالنسبة للأمن ..فهو زي الفل..!! فلا اشتباكات ولا قتلى ولا مداهمات ولا اعتقالات ولا اجتياحات ولا تحرير مساجد ولا حصار لعائلات..!! وحتى لو رأينا أو سمعنا شيئا كهذا فيجب علينا أن نكذبه من باب انه دعاية مضادة..تستهدف التقليل الانجازات العظيمة للمشروع الجديد..!! أما الآن فإليكم أيها المشاهدون حفنة مختارة من الأخبار المحلية الهامة. أولها.. إن البنوك إن صح الخبر ستقفل أبوابها بعد أيام أو أسابيع و وبالتالي تجف بركة الشيكل في الجيوب وقد اقترحت على أولادي قبل فوات الأوان أن نأخذ صورة جماعية تذكارية بصحبة  مائة شيكل ولو مزيفة..نتأسى بها في زمن قادم ربما تحل فيه المقايضة محل العملة فمثلا أعطى درسا في اللغة العربية مقابل بيضة أوبيضتين ويعالج الطبيب جارنا من "باسور" مزمن بكيلو تمر..وهكذا لقد قرأت أخيرا أن الفاتنة هيفاء بنت وهبي أمنت على حياتها بمليون دولار..!! بينما هنا في امارة "كبووونستان" لا يملك كثيرون مبلغ "10شيكل "فقط لتأمين فطور يوم جديد لأولادهم..!! مفارقة سخيفة ولاشك..لكن ما باليد حيلة.   وثانيها..  إن القبور باتت مكلفة في غياب الاسمنت فسعر الكيس ارتفع من 80شيكل الى 250  وكذلك فان  الأكفان شحيحة ليصبح الموت مشكلة الأحياء..عدا كونه موت وخراب ديار..!!وقد استبدلت بلاطات القبر المفقودة بألواح زينكو..!! وعلى ذلك لربما يلجأ سكان إمارة "كبوونستان " العظمى غدا الى مراسيم دفن جماعية بجرافة حكومية أسوة بحفلات الزفاف الجماعية التي تقام لتلميع هذا الأمير أو ذاك..!! وثالث هذه الأخبار..  أن اللحوم بأنواعها آخذة في الزوال  من الأسواق مع بعض السلع الأخرى وهنا يتوجب على الأزواج إن يقدروا ما تواجهه البلاد من تحديات  وألا يطمحوا الى كيلو لحمة مشفي أو حتى بعظمه أو يحلموا بمصمصة رأس صو ص..!! وحذار ألف حذار أن يضبطهم العسس ممسكين ولو توهما بفخذ دجاجة إسرائيلية وبالتالي عليهم إن يستنهضوا من الآن قواهم السحرية بالدقة والزعتر  والا فقد أعذر من أنذر..!!   ورابع الاخبار .. إن موجة النصب والسرقات قد انتشرت في البلاد وصار حتى التلميذ في المدرسة يغافل زميله ويسرق كتابه  الجديد  ليبيعه بشيكل وسط تصفيق الاستحسان والإعجاب من والديه فقد اثبت ولدهم تفوقا ونبوغا في مهنة المستقيل التعيس وأنه أصبح عصاميا يعتمد على نفسه..!! وخامس الاخبار.. إن الوقود ارتفع سعره وجرة الغاز استقرت يلا رحمة عند 50شيكل واللى مش عاجبه يدور ع الحطب ،بينما أخذ السائقون يكشرون عن انيابهم للركاب ويتهيأون للاضراب طلبا لزيادة الاجرة..!!  في حين إن تنكة زيت الزيتون وصلت بجلالة قدرها الى سعر 130 دينار يعنى إن العروسة المبروكة هنا مهرها 10 تنكات زيت..يابلاش ..!! وللحقيقة لا أدري كيف سأخطب ود تنكة الزيت لهذا العام خاصة وان أم العيال لن تقبل في مفاوضات الخريف حلا أقل سقفا من ذلك فهي من عشاق صب الزيت مدرارا على صحن الحمص أو الفول ..!! أما أخر الأخبار..  فهو نكتة مبكية..!! لكي لا أطيل عليكم فالمخرج  يقف لي بالمرصاد مع ام سكستين محشوة بالشتائم..   تقول النكتة إن أميرا ما في بلد ما أراد تفصيل حذاء له ،فبحث العسس والحاشية عن اسكافي  ماهر ليؤدي هذه الخدمة الوطنية الجليلة ولما وجدوه أخذوه الى الامير مخفورا فأخبره بما يريد ولبى الاسكافي الامر طائعا وخرج لتنفيذالمهمة المصيرية والتاريخية ،و بعد يومين عاد بالحذاء المطلوب ،ولما سأله قائد الحرس :كيف صنعت حذاء الامير على المقاس بدون قياس ..؟!! أجاب الاسكافي بهمس الخائف :وكيف أخطئ ياسيدي مقاس قدم الامير الجليلة وهي تستقر منذ عرفناه فوق رقابنا ..؟!! نعم..  النكتة الشقيةتنمو بسرعة النجيل في زمن الخوف بالذات ولا تعترف بقوانين ضباط الركن والأجهزة والميليشيات ولاتسطتيع اعتقالها أي  مداهمات وهي تسجل للتاريخ بأمانة مامر بنا من ايام سوداء في لون قرن الخروب تنقلنا فيها من احتلال لاحتلال ،مع معرفتنا الأكيدة إن دوام الحال من المحال..!! واننا حتما وبإذن الله جل وعلا سنعبر نفق العتمة الى ما يستحق أطفالنا والى إن يحين موعد آذان الفجر نستودعكم الله بآي من الذكر الحكيم يتلوها علينا الشيخ "عبد المطيع عبد ربه" بسم الله الرحمن الرحيم "وأطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم "   والآن مرة اخرى نترككم مع نشيد التسول الوطنى واليكم في الختام تحيات "عوض الله الشحات مراسل قناة "حسنة لله" الفضائية   لافتة ذات صلة : همس احدهم في أذني بكلمات ينشف لها الريق         ذكرته ونفسي أن لا حيلة لنا فيما قدر الله ثم أن  السادات بهيلمانه قد ذهب وبقي الفقير أحمد فؤاد نجم شفاه الله وعافاه..!!         

السبت، ١٣ أكتوبر ٢٠٠٧

عيد مش سعيد

 
أقبل العيد كما أدبر بلا طعم أو لون أو رائحة رغم التحايا والتهاني والزيارات والابتسامات البلاستيكية والحامض حلو والحلقوم والعيديات النقدية والعينية...الخ الخ   أقبل العيد حزينا هذه المرة بعد رمضان أكثر حزنا وانطفاء رغم الأضواء والتراويح والدعاء والزكوات ومسلسلات ما بعد الطعام  من باب الحارة الى فاروق الى سلطان الغرام ..!!   المفارقة التي لفتت نظري إن مسجدنا الصغير بدا طافحا بالمصلين والمتروحين في أول الشهر الكريم ليصبح بالكاد ثلاثة صفوف وراء الإمام في نهايته..!!   مفارقة أخرى هي أننا دعونا الله كثيرا في كل ليلة منه..باكين ..مستغفرين..وأقمنا ليلة القدر بكل الورع والخشوع وإذ بي اكتشف إن النفوس بقيت على حالها من صدأ التباغض والتحاسد والغيبة والنميمة بين الاخ وأخيه والجار وجاره  وكأنك يا أبو زيد ما غزيت..!!   من هنا عرفت بل أيقنت أننا أمة كثير دعاؤها قليل ثوابها لان النفوس فيها قد عشش فيها وباء الحقد والتنافر الى درجة لا شفاء معها إلا بالموت أو المعجزة..!!   لقد رأيت بأم عيني ونحن أمام وجه الله الحمساوي يرمق جاره الفتحاوي في الصلاة شذرا  بينما الفتحاوي يحملق في جاره الحمساوي بغضا ..!! وعرفت أننا إلا من رحم ربه إنما نؤدي ما يشبه التمارين الرياضية وليس صلاه خالصة لله بالمعنى الحقيقي الذي ينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي وتقريب النفوس الى النفوس ..!! حتى تهنئة "كل عام وأنت بخير " باتت تخرج من أفواهنا بصعوبة ومن غير نفس ..يابسة ..ناشفة.. مقذوفة في وجه الآخر كرصاصة أو حجر وليعلم الله إن المسئولين أولا وأخيرا عن تلك الشقة  وعن هذا التردي والتباغض في العلاقات هم ساسة طارئون لم يتقوا الله فينا وباعوا أنفسهم  لأهوائهم وأنانياتهم وطموحاتهم المريضة وكذلك حفنة تابعين  من دعاة الدجل والتخوين ابتلانا الله بهم.. تربوا على الحقد والإحن ، وصبوا بفحيحهم المقيت في النفوس البسيطة زيت التناحر على شرر الفتن  إما ليصيبوا شهرة البسوس  أو عطر منشم  وهم يعلمون أو لا يعلمون إن لهم ولنا عاقبة صفين بين المسلمين ..!!   وأعود الى العيد..في ظل شرخ رأسى تصدعت منه أواصر القربى والمحبة بين العائلات والنسائب وحتى بين أخوين شقيقين يأكلان من صحن واحد ..!! أعود الى العيد الذي ما أن يبدأ فيه الحوار بين صديقين حتى يتحول بسرعة البرق الى شجار ويتحول الشجار مع مرور الوقت الى جدار أبشع من جدار الفصل العنصري..!!    فلم يعد الأخ يطيق سماع صوت أخيه ولم يعد الجار يتحمل منطق جاره بل انه أصبحت في أي حوار بين الطرفين مناطق ملغومة..شائكة..!! سواء كانت أحداثا مؤلمة أو أسماء ذات حساسية معينة ،وبمجرد الاقتراب منها ينفجر الموقف ويتحول من الكلمات الى القبضات هذا إن لم تصل قوات التدخل السريع وتحسم الموقف بالهراوات أو الاعتقالات..!!   أعود الى العيد الذي لم تصل فيه عيدية ال"المائة شيكل" من وكالة الغوث الى ربع مليون طالب أي الى كل الأسر في قطاع غزة تقريبا لتزيد المعاناة معاناة ،وتنهار أحلام الأطفال البسيطة في قميص أو لعبة تضفي عليهم قليلا من البهجة ..!!   أعود الى العيد ، وقد أعطيت العيديات لأولادي والطمع المحبب في المزيد يطل من عيونهم بينما لم يلحظ الدموع وهي تفر من عيني ابنتي الصغيرة  ،فتساءلت مندهشة :أتبكي في العيد..؟!! فقلت :فرحا..!!  ولكنى تذكرت آلاف الأطفال من أبناء الشهداء والأسرى الذين ضاقت الدنيا بهم ولم ينتبه إليهم أحد فلم يسعدوا بلحظة "العيدية " تلك..!! وهنا أقول لبعض أغنياء غزة الذين بخلوا بالبسمة على طفولة يتيمة حزينة وتخفوا وراء ورع مزيف وتقوى باهتة.."لا بارك الله فيكم " فقد كان بإمكانكم أن تعوضوا العيدية الضائعة بقليل مما تبذرون على ولائمكم وأفراحكم ولياليكم..وأنتم الأولى..!!     هكذا أتى عيد الفطر وغادر .. ولم أحس به ولكنى أحسست بوطأة خطايانا نحو بعضنا البعض ونحو وطننا المجزأ والمبعثر على أسنة رماح المتقاتلين..!! من كل هذا ..وهو القيل من كثير ودعت عيدا أشبه بالسراب وتلقفت كلمة بليغة بسيطة غاية في دقة الوصف قالها طفل يتيم مر في الشارع صدفة بعد إن داعبته وقبلته وأرضيته وسألته .. "عيد مش سعيد "..!!   أسألك اللهم..أن تغفر لي لحظة غبت فيها عنك.. وألا تحرمني من لحظة  أرى فيها وطني معافى من عضال الحقد والحاقدين..!! اللهم إني لا أدعوك دعاء المحترفين المرتزقين.. وإنما أدعوك دعاء التائب من الذنب  أن ترحم أطفالنا وشيوخنا مما هو قادم   انك أنت القادر القاهر لا يعجزك من يتاجر باسمك أو من يستبيح بيتك أو من يجعل من دونك أندادا اللهم إني أسألك إن تعيد علينا رمضان والعيد ونحن في حال من التلاحم والوفاق أفضل وأسعد مما نحن فيه.. يا الله.. يا لله.. يا الله..  

الأحد، ٧ أكتوبر ٢٠٠٧

شيء من الخوف

نظرات متوجسة..ريبة تفوح من كلمات مرتعبة مقتضبة  بين الأخ وأخيه ..همس بين رأسين في السيارة ..وحديث بالشفرة في الشارع عن مسلخ هنا وجوانتانامو هناك .الخوف يزحف  ليلا بطيئا وثقيلا  من أن تصبح أو تمسي  ضيفا على أحد المقرات الأمنية معلقا كخروف العيد بالجنازير  أو مشبوحا كبلال الحبشي على  لوح زينكو في الشمس الحارقة..بسبب وشاية حاقد أو شهادة كيدية من حقير اختلف معك يوما ونسيت بالتقادم تلك الحادثة بينما لم ينسها العسس لك مستغلين الصلات  والعلاقات بقادة العهد الجديد.. هذا الكابوس أصبح واقعا مرا .. الروايات كثيرة يتداولها الناس يوميا عن  وقائع تعذيب الفلسطيني للفلسطيني بلا رحمة في غزة ورام الله على خلفية فصائلية..!!

كنت أتمنى أن تكون كل هذه الروايات مختلقة ومحرفة لكن لا مجال للتكذيب والسفسطة خاصة عندما تتعدد المصادر تكون الصور والأسماء حاضرة..

ربما تكون هناك بعض المبالغات ولكن كما يقال فان السنة الناس أقلام الحق ..!!

ولماذا نبتعد كثيرا فالفيصل في هذا الشأن حتى لا نظلم أحدا أو نفتري على الله كذبا هو سجلات وإحصاءات منظمات حقوق الإنسان الوطنية والعالمية..!!

ولا أدري اين تسكن هذه المنظمات والجمعيات حقا..وهل أصيبت بالخرس و بالعشى الليلي التام والزكام بحيث لم تعد ترى أو تتكلم أو حتى تشم ،وهي تمتلك أدلة على تجاوزات وممارسات لا إنسانية منهجية في الضفة وغزة على السواء..!!

وما جدوى كل هذه اليافطات الإنسانية البراقة إذا لم تمتلك الجرأة والشجاعة اللازمة و لم تتحرك وتكشف الحقيقة في وقتها وبكامل أبعادها قبل أن يضاف المزيد من الضحايا الى قائمة سوداء طويلة من المغضوب عليهم..!!

 

أنا مؤمن بأن المخبأ بندوق..!! وكل جريمة في حق الإنسان والإنسانية في هذه الأرض المقدسة ستكتشف آجلا أو عاجلا حتى لو ارتكبت في قبو  فوقه مكان للعبادة أو في سجن تعلوه أروع شعارات السيادة.. ولسوف  يخضع القتلة وأساطين التعذيب المحلي للمحاكمة العادلة جزاء ما اقترفت أيديهم  وأتمنى أن أعيش لأرى هذه اللحظة..!!

ليس في الأرض من سبب يبرر أن نمارس بأنفسنا على أنفسنا من التعذيب والتمثيل والقهر ما كان يمارسه الاحتلال وإلا فإننا نكون بالقطع أسوأ وأ نكى..ولا نستحق ممن حولنا حتى الرثاء!!

 

لقد وعدنا  قادة الحسم بعد ما فعلوا إن يحولوا جستابو الأمن الوقائي في غزة الى مسجد.. أو مركز تنوير أو حتى روضة للأطفال ..!! وللآن فان هذا الوعد لم يتحقق بل ومع الأسف بقي المبنى  على حاله باسيجته وقوالبه الإسمنتية الموحشة وسياراته وذكرياته المؤلمة .فقط تغيرت الوجوه والأسماء  وحل الحاضر الأخضر مكان الماضي الأصفر ..!!

إن على الممسكين بمقاليد الأمور في رام الله وفي غزة أن يتقوا الله فينا ويتوقفوا عن جعلنا نزلاء جوانتاموهات جديدة..وكبيرة ..نكون فيها أشبه بفئران تجارب تخضع لأساليب تعذيب مبتكرة لم تخطر من قبل ومن بعد على بال  الفرنجة..!!

ثم أين أولئك المشايخ والدعاة الذين لطالما صدعوا رؤوسنا  بمقولاتهم الخشبية عن الإخوة والتسامح في الدين الاسلامى وان دم المسلم على المسلم حرام   من هذه الممارسات وغيرها وأين دعاة الفتنة المحرضين على الثأر والقتل من أصحاب الفتاوى السوداء مما زرعوه في نفوس الصغار والكبار من كراهية  وحقد حتى بين الأخ وأخيه في الأسرة الواحدة والبيت الواحد..!!

نحن كمواطنين نريد هنا موقفا واضحا لا لبس فيه من هنية كما نريد موقفا واضحا من عباس يرفض ويدين ويأمر بالوقف الفوري لممارسات التعذيب في أي مكان والتى تسيء الى كل ما هو فلسطيني وتعطي الدليل على أننا لا نستحق دولة ولا حتى بمساحة قن دجاج..!!

المواطن العادي يشعر بالخوف فلا أمن ولا أمان هناك للحمساويين في الضفة بعد قتل غير مبرر لطالب جامعة النجاح "رداد " وتفتيح كل شيء بالمداهمات  والاعتقالات المستمرة في صفوف حماس تماما كما لا يشعر بهما هنا في غزة في ظل تحميس كل شيء بمطاردة الفتحاويين وتكسير العظام وضرب الأطفال والنساء في حالات معينة..!!

 

إني اخشي إن يتحول الممسكون بزمام الأمور هنا أو هناك يمرور الوقت وبممارساتهم غير الحكيمة الى محتلين جدد وبالتالي يجدون من المقاومة مالا يتوقعون ويرغبون ،وهاهي البوادر للأسف بدأت تتحقق على الأرض..!!

إني اقترح إن يهدأ اللعب قليلا بين الطرفين ويرحمانا من قهر على قهر خاصة وان كل منهما أخذ يكثف اتصالاته الخارجية سرا وعلانية إما باتجاه مؤتمر الخريف أو هدنة التهدئة وفي كلا الأمرين قفز على طموحات هذا الشعب وانتقاص لحقوقه..!!

وكلنا بلا مزايدة في الهوا سوا والجميع بانتظار ما سيسفر عنه الخريف من حرب أو كرب  ..!!