ياعشوائي..!!
قالها لي على سبيل المزاح صديق..فضحكت.....
وقالها لي على سبيل الرجم مسئول ..فغضبت
وقالتها لي على سبيل اللوم أم العيال..فحزنت..
سألت نفسي :ماذا تعني هذه الكلمة العشوائية..؟!!
هل تعني عدم التخطيط..؟!!
اذا كان الأمر كذلك..فماذا تعني إذن مئات الآلاف من الخطط الإستراتيجية طويلة الأمد والعشرية منها و الخمسية والسنوية والشهرية والتي رغم تزويقها وفبركتها لا ترى النور وتقضي عقوبة الحبس المؤبد حتى الموت في أدراج مسئولي معظم المؤسسات ثم تشيع بسرية تامة إلى أقرب مزبلة أو محرقة أو ممزقة..؟!!
هل تعني عدم الترتيب..؟!!
إذا كان الأمر كذلك ..فماذا تعني آلاف المكتبات العامة والخاصة المرتبة جيدا والتي تشكو إلى الله برودة الجدران و ندرة القراء وتعلوها طبقات الغبار إلى أن تتنبه ربة البيت أو الخادمة إلى تنظيف هذا الجزء من ديكور البيت..؟!!
إذا كان المقصود من الكلمة جدة الإبداع و اللامتوقع والخروج عن المألوف و جرح العادة ومخالفة القطيع..فانا أعتز بكوني عشوائي.
واذا كان المقصود..الفوضى الخلاقة بمنطق فني لا سياسي فلا مانع لدي،
ولكن في اعتقادي أن المرء يكون عشوائيا..
إذا كان مهملا لا يلقي الاهتمام والاحترام والرعاية ،وإذا كان يفتقد أبسط حقوقه كمواطن..فيضرب على قفاه في أي وقت يشاء الولاة ..ويجرجر كالبهيمة قبل الفجر إلى دار الضيافة ولا حول ولا قوة إلا بالله
وإذا كانت وارداته لا يكفي لتغطية 5 أيام من صادراته الشهرية الضرورية..!!
وإذا كانت ديته رصاصة أو مصيبة مفخخة تأخذه منفردا أو جماعة مع أسرته فيسقطه المسئولون كرقم من حسابهم بالشطب من السجلات الرسمية كما يتطلب الروتين ،ولا عزاء للمرحومين..!!
أنا اعرف حسب هذا المفهوم أن هناك وهناك في العالم الثالث شعوبا بكاملها عشوائية ،وهي تشكل عبئا ثقيلا ومحرجا على حكوماتها التي توصل النهار بالليل للسهر على راحة بياناتها التاريخية وانجازاتها الحضارية وإبداعاتها التطويرية..!!
لذا أقترح أن تقوم هذه الحكومات مشكورة بالخطوات الضرورية التالية:
في المجال الصحي :
*دس كمية معقولة من سم الفئران في الكوبونات والمساعدات الموزعة على العشوائيين ،وبالتالي يتم في خلال أسبوع توفير ملايين الدولارات المخصصة للرعاية الصحية توظف لزيادة رفاهية أبناء الأمراء والوزراء والمدراء والسفراء...و...و.....
عندها لا تكون بنا حاجة إلى وزارة صحة أو وزارة شئون اجتماعية فقط يلزمنا وزارة مستحدثة ليكن اسمها وزارة رعاية المدافن..!!
في المجال الاعلامي :
*توزع سماعات خاصة على من لم تؤثر فيهم الرعاية الصحية المتميزة لسماع الإذاعات الرسمية دون غيرها ،وكذلك نظارات وردية لمشاهدة بركات الفضائية التي تبث نعم السلطان الحصرية..!!
ولا تنسى الكمامات الخاصة التي لا تسمح للمواطنين إلا بقول حاضر..و آمين..!!
وهنا ترتاح الحكومات كل الحكومات من كل العشوائيين وقلة أدبهم.. ولا حاجة بعد ذلك لشراء الهراوات والأصفاد وفتح المزيد من دور الضيافة للعباد..!!
وان لم يكن ..فمن الممكن فتح إسطبلات واسعة محكمة الإغلاق تكفي لاستيعاب شعوبا بكاملها..!!
في المجال الرياضي :
*تقسيم الشعب إلى فرق رياضية ،وإقامة مسابقة دوري المظاليم..!!على أن يكون درع البطولة للحكومة دائما لأنها ستبذل جهدا خارقا في اللعب مع باقي الفرق بالشلاليت، ورفع البطاقات الحمراء دون المرور بالصفراء، وستحسب بلا تردد ضربات جزاء على كل من يجرؤ على اقتحام نصف ملعبها
في المجال التشريعي:
*سن قانون من القراءة الأولى يقضي بسحل كل من لا يسبح بالذات الحكومية حيا حتى الموت ،وأمام الملأ ليكون عبرة لمن يعتبر ،وبالتالي تختفي الإضرابات والاعتصامات ، ولا داعي للاهتمام في سبيل استتباب النظام ببيانات جمعيات حقوق الإنسان الخجولة ، أو استنكار الحساد والمعارضين..!!
وأخيرا ..اتمنى كعشوائي أن يفرجها علينا رب العالمين..!!
"مع الاعتذار لفكرة عشوائية من صحفي عشوائي
سمعتها في وقت عشوائي عبر إذاعة عشوائية"