السبت، ٢٧ سبتمبر ٢٠٠٨

ليلة الغدر


فيديو 1

يلبس بذلة أنيقة..ينزل ضحيته بهدوء وثقة من مؤخرة السيارة..معصوب العينين.. مقيد اليدين..يأخذه في نزهة أخيرة إلى البساتين..يجلسه القرفصاء في مجرى ماء جاف.. بعد لحظات ..يلقي عليه التحية الأخيرة من كلاشنكوفه.. يهيل عليه حفنتين من التراب..يتحرك ساق المغدور..يطلق العنان للكلاشن مرة أخرى.. يتأكد من إتمام المهمة.. يواصل إهالة التراب ..يدك الأرض.. ،ويغادر منفرجا كما لو انه قضى الحاجة بعد ضيق..!!

 

فيديو 2

 

نفس البطل فيما يبدو.. أمامه ثلاث عباءات سوداء.. يطلق النار عليهن  ببساطة مسح الحذاء من غبار طارئ..ثم يكلف نفسه بشهامة عربية ليس لها مثيل بإلقاء كومات من القمامة عليهن ربما لسترهن أو لستر بطولته..!!!

 

فيديو 3

 

بساطير.. ملابس زرقاء مرقطة.. كاميرا تهتز خائفة.. رأس مفتتة وبركة من الدماء إلى جانبها.. شاب ملقى على ظهره لا يزال حيا و السبابتان إلى الأعلى ..عيناه زائغتان ،وكأنه لا يصدق ما يجري..أصوات غامضة وضحت منها رغبة القاتل ..تدور الكاميرا من جديد ..تقترب..  وجه الشاب يظهر أكثر وداعة واطمئنانا ..كان مغمض العينين كما لو انه في حضن أمه ..!!

 

ثلاثة أفلام فيديو إسلامية  عروبية .. أصلية خالصة.. شاهدتها بالصدفة دفعة واحدة قبل قيام ليلة القدر..!!

كانت كفيلة بأن أتقيأ كل ما قرأت وما عرفت عن المسلمين والعرب من كرامات وبطولات ومآثر وأمجاد..!!

الشك أخذ يطاردني في كل صفحة تاريخ ناصعة.. ،والإحباط  طفح فوق كل  قصة وقصيدة حفظتها منذ الطفولة عن بلاد العرب أوطاني..!!

 

لقد تمنيت ليلتها لو كنت لقيطا ضائعا من العصر الحجري..،أو غريبا من كوكب مجهول ابتلعه ثقب اسود إلى الأبد.. أما إن انتمي بإسلامي ،وعروبتي ،ولغتي  إلى قتلة..فهذا  كابوس لا يحتمل ..!!

 

تضحكني الهستيريا حتى الثمالة عندما أرى  القتلة في كل مكان من بلاد العرب والمسلمين ،يحرصون أمام كاميرات الفضائيات على قيام ليلة القدر كأفضل ما يكون القيام ..يدعون ،ويبتهلون ،ويبكون ،ويوزعون الصدقات ،بينما دم الأبرياء لا يزال عالقا بين أصابعهم رغم إسباغ الوضوء..!!

 

يا الهي..

ليلة القدر خير من ألف شهر..

نعم  ..،واشهد..

لكنني عبدك الفقير.. قمت الليلة ،و عقلي وعيناي لا يفارقان ما شاهدت ..فاغفر لي  واعف عني إن تجاوزت قدري وأيماني ،عندما أصرخ في وجوه الظالمين أينما كانوا.."أن ألف قيام في ألف ليلة قدر لا يغسل قطرة دم واحدة بريئة من راحة يد قاتل..!!


الاثنين، ٢٢ سبتمبر ٢٠٠٨

صبر..صبرا..صبرة ..!!


لو فكر أحدكم في زيارة أو مداهمة العبد الفقير..!!

 سيجد أول من يستقبله عند مدخل البيت.. "الصبير"..!! وهو نبات ظريف مستأنس للزينة.. يختلف كثيرا عند ذلك"الصبر " المتجهم الغليظ الذي تعارفنا عليه منذ الطفولة  في حواكير وحواري المخيم القديم، وغرس أشواكه الحادة والدقيقة في جلودنا وذاكراتنا وقت أن كنا نحاول مغافلته لسرقة "بلابيل أزهاره الصفراء  أو ثماره الحمراء المكتنزة.

 

دهش  إدراكي الصغير   وانأ اسمع المرحومة أمي تكرر كلمة الصبر والصابرين ،مع كل صلاة ومع التضرع والبكاء في كل حادثة تمر بنا ، وكنت أتساءل ..

أالى هذه الدرجة تحب امي ذلك النبات الفظ وتؤمن به..؟!!

 بعد سنوات أدركت انها تقصد بالصبر شيئا آخر..!!

حاولت.. باميتها الفريدة وحنانها الفياض ، أن تغرس في  هذه الفضيلة ،ولكنها لم تنجح تماما ،لأن العامل الوراثي كان له رأيا مخالفا..!!

 اكتشفت أني -رغم التمني ،ورغم  آخر كلمة أسرت بها إلي قبل وفاتها- لم أعد أطيق صبرا على مايمر بي من أحداث ،وكلما أتذكر أن جيناتي الحساسة  خذلتني وخذلتها  ،ابكي بصمت..!!

 

كبرنا وكبر معنا مفهوم الصبر والصبار ،وأصبح الصبار بحلده المشمع وأشواكه التي تهزأ بالجفاف ،في قاموسنا  الشعري البسيط رمزا معبرا عن المقاومة والتحدي..!!

 

لا أدري لم يقترن شهر ايلول هذا في مخيلتي دائما بالصبر والصبار..

لعله الشهر الذي تباع فيه ثمار الصبر  اللذيذة ،والتي تستوجب حرصا عند أكلها ،والا  الاحتمال وارد لفضيحة مدوية..!!

أو لعله الشهر الذي تلوث يوما بدماء الأبرياء أهلنا الغرباء على يد عربنا الأشقياء في صبرا وشاتيلا..!!

أو لعله الشهر الذي يحل فيه كاملا شهر الصيام ضيفا عزيزا  ،وهو شهر الصبر والتقوى ،والذكريات الطفولية الحميمة

أو لعله الشهر  الذي تلوث قبل أيام بدم الأبناء من الأبناء ..!!

نعم فالقاتل والقتيل من نفس الدم واللحم والدين والهوية..!!

 

في الماضي استهجنا أن يذيح الإنسان أخاه الإنسان ، إلى أن رأينا ذلك في الثلاثاء الحمراء ،ودير ياسين ،وقبية ،وكفر قاسم..!!

وفي الماضي القريب لم نكن نتوقع  أن يقتل العربي أخاه العربي وبشكل أكثر شراسة وفظاعة، إلى أن رأينا ذلك في  تل الزعتر ،و صبرا ،وشاتيلا..!!

 وفي الماضي الأقرب ..لم نكن نتصور وتحت أي مبرر حتى في أشد كوابيسنا أن يمثل الفلسطيني بجثة أخيه الفلسطيني إلى أن شاهدنا مرارا وتكرارا ذلك على ناصية نهايات الانتفاضة الأولى  ثم في مزاريب ومجاري الثانية ..!!

 

لقد أحزنني سقوط  القتلى  في الصبرة قبل أيام ،كما أحزنني قبل أسابيع في الشجاعية ،ولا أفرق مطلقا بين ابنين سقطا قاتل وقتيل في معركة ليست لهما ،فكليهما ابناي والخاسر إياي ،مهما اختلفت الأسماء والأهواء..!!

ولن يختلف اثنان على ان المقتتلين كليهما بحكم الحديث  الصحيح سندا ومتنا في ضيافة جنهم خالدين..!!

   

قد يقنع قابيل نفسه بقتل أخيه هابيل ،ويجادل ما شاء الله له أن يجادل من خلال مبررات وحجج يزينها لنفسه، أو يزينها له  أخلاؤه ،لكنه سيدرك طال الأجل أم قصر ،انه ارتكب كبيرة ما بعدها كبيرة  وان الجزاء يكون غالبا من جنس العمل..!!

 

عندما أقرأ خبرا يتكرر بين الفينة والأخرى عن مختطف من هنا أو هناك يموت تحت التعذيب الوحشي ويلقى على الطريقة العراقية في حاوية للقمامة أو على قارعة الطريق.. أكره نفسي كانسان وأكره زمني الذي أوصلني إلى هذا المآل ،ويغمرني إحباط شديد من القادم ،وأسأل ذاتي :

هل من درك ستقودنا إليه أقدامنا أسوأ من هذا  الدرك المظلم والموحل والقذر ..؟!!

..أتذكر بكثير من الحزن الممزوج بقليل من الأمل  "جارسيا لوركا" ذلك الشاعر الاسباني اليساري الشهير  الذي  اغتالته الفاسية المجرمة يوما وبنفس الطريقة ، ولكن في النهاية تبخر القتلة ، وبقي القتيل..!!

 

قد أكون ساذجا إذا ما أصررت على حلم  أن يستفيق الإخوة ذات صباح من فيلم الرعب الذي أنتجوه ،ويصرون  على أن نشاهده، ونعايشه ،ونعاني منه ،لكني سأظل أحلم  ..!!

لأنه لا بديل آخر  إلا الموت كمدا..!!

 

كنا في طفولتنا نتشاتم صباحا ونتعارك ظهرا ونتصالح مساء  عند رؤية أنوار مئذنة جامع "السنية"،أو عند سماع أول آذان المغرب ،ونحن نهرول عائدين الى بيوتنا للحاق بوجبة الإفطار العامرة ،وان لم يكن فعلى ضوء القمر  ،مع لعبة "بتحيا" أو " حدر بدر"..!!

يا لله ..أعد لنا براءتنا ومحبتنا..

يا لله.. أنقذنا من أنفسنا..

يا لله..عليك بشهواتنا وأحقادنا .. 

 

 

ومادمنا قد أبحرت بنا خواطر الهم واللغة من باب الصبر الى باب الشعر فخير ختام لوجع الكلام ما قاله الشاعر أحمد مطر في ذات قصيدة عن الصبر والصابرين..!

 

" فألقينا بباب الصبر آلافا من القتلى..

وآلافا من الجرحى..

وآلافا من الأسرى

وهد الحمل رحم الصبر ،حتى لم يطق صبرا ..

فأنجب صبرنا صبرا..!! "

 

وان الله مع الصابرين..!!

 

الأحد، ١٤ سبتمبر ٢٠٠٨

كعب داير..!!


لمن يستغرب هذا العنوان ،ولا يعرف معناه..

 أقول : انه تعريف لغوي  كلبوشي  لذلك السجين الذي يعاقب إجباريا ،وبغضب من الحكومة بالتجوال المستمر على السجون ،حتى تنتهي فترة عقوبته..!!

 أما التعريف الاصطلاحي السياسي والاجتماعي ،فهو ذلك الانتهازي الذي يتجول اختياريا ،وحسب اتجاه الريح ،وما تقتضيه بوصلة المصلحة الأنانية الصرفة بين كل الألوان والفصائل والأحزاب والفصول ،كما النحلة النشيطة في البستان..!!

 فمرة ..تراه يساريا متطرفا أكثر من الرفيق لينين، ومرة أخرى يفاجئك حين تراه على النقيض يمينيا متشددا  أضعاف أضعاف الطالباني الظواهري  و مرة ثالثة تراه مشايعا ليسار الوسط أو.. وسط اليمين كالأخ المناضل ذائع الصيت .. بهتان عبد المليم !!

 

أعرف مسئولا زئبقيا غير وبدل مواقفه ولغته وبوصلته أربع مرات في عام واحد ،لكل فصل من فصول السنة لون واتجاه ولغة و "برستيج "معين ،ولازال يمارس هوايته في إبهار الناس من حوله ،بحيث أني وغيري نحتاج دوما عند مخاطبته ،إلى اصطحاب قاموس ألفاظ يتناسبوأحدث صيحات الموضة السياسة  ،و معرفة مسبقة ومحدثة لنشرة أخبار الطقس المزاجي لديه ،فربما نلبس له "تي شيرت" صيفي ،ونفاجأ بأنه بارد جدا ،وممطر مطر استوائيا عاصفا فترتبك علاقاتنا الضرورية التي لابد منها ،ويعتريها الزكام ، وربما نعد لاستقباله ذات مساء معطفا صوفيا ثقيلا ليصدمنا بموجة يسارية خماسينية حارة..فتتأزم أحوالنا معه ،ويخنقها القرف..!!

 

هذا "الحربائي" ،وأمثاله ،لا نعدم وجودهم في مجتمعنا الفلسطيني ،وباتوا يشكلون وبشكل غير معلن رسميا ،حزبا جديدا قديما تعارفنا عليه تحت يافطة المنافقين الجدد على غرار المحافظين الجدد في أمريكا  ،ورغم أنهم مكشوفون دائما حتى لأصغر طفل في أصغر حارة..!! ،  إلا أنهم  وهذه نقطة ضعفهم ، لا يعترفون بذلك ،ويحاولون باستمرار الاقتداء بالنعامة،و استغلال السذاجة ،وطيبة القلب المتبقية عند الكثير من أبناء شعبنا ،بابتذال الشعارات النظيفة مرة ،وبالتلميع الفاقع المفبرك مرة أخرى وينسون أو يتناسون أن الحذاء مهما اكتسب لمعانا وبريقا من الورنيش الجيد يبقى حذاء..!!

 لعلهم يستتفهون قوة الذاكرة الشعبية التي تحفظ في أرشيفها غير القابل كما ملفات الكمبيوتر  للقص واللصق والإزالة ،ولا توجد لديها سلة محذوفات..!!

وإنما هي أذكى -رغم صمتها- من أن تستغبى من دعي للتقوى  أو محترف للأونطة..!!

 

أحد هؤلاء طلع علينا قبل أيام بفيلم من تأليفه  وبطولته وإخراجه.. ،ويحكي كعجوز ماتت أجياله عن وطنياته وتضحياته ،فما كان من جمهور المشاهدين إلا  أن حيوه على طريقتهم العفوية بالبصاق  والتأفف ،كما لو انه فسيخ عيد تالف..!!

،وكان بودهم أن يحيوه بحرارة البيض الفاسد و البندورة المفغصة ،ولكن قاتل الله الغلاء..!!

والعزاء الذي يكفينا ويكفيهم

 ،أنهم ذكروه بسوابقه التي لا تنسى ،ولاتغتفر..!!

 

ذاكرة الوعي هذه..هي الأمل الوحيد في ألا يضحك علينا في المستقبل متسلق حاقد ،أو جاهل بائد ،كما ضحك علينا أشباههم ،وآباؤهم ذات أيام في مهرجانات ومؤتمرات وانتخابات..!! أصبحت من نكت الماضي الذي جر علينا مصائب الحاضر ،وليس من المعقول إن يستمر مسلسل استهبالنا من أولئك السحرة الذين يلعبون بالبيضة والحجر ،لأننا بحكم تجاربنا القاسية والعميقة والمتكررة من المفترض أن نكون قد تجاوزنا بكثير سن المراهقة السياسية وعنتريات "باب الحارة"التي يخدعها بسهولة التطبيل والتزمير ،وهتاف الباطل بكل ما هو طاهر ونبيل..!!

وهانحن نعيش في تجربة حية تعتبر درسا وافيا للأصم والأبكم و الأعمى ، فما بالك بالأسوياء..!!

أيها الناس..

ليس كل من ألقى خطبة وطنية عصماء ، ولوح بقبضته  أمام الميكرفون يليق  بقيادتكم

وليس كل من أطال لحيته، وفضفض عباءته ،و تشغنف في حديثه المتلفز،هو أهل لثقتكم..!!

تبصروا المنبت ،وثبات السيرة ،والمنطق البسيط..قبل أن تضعوا نادمين آمالكم في أيد ملوثة بمعاناتكم..!!

 

أيها الناس..

انظروا حولكم  .. في أي زقاق سياسي كان أو اجتماعي ،تجدون أحفاد الحرباء وتلاميذها..،فاحذروهم كي لا تدفعوا من حياتكم ودمائكم ومستقبل أبنائكم ثمنا جديدا باهظا لتجربة مؤلمة أخرى..!!

،واعلموا أن أبشع الأمراض وأعصاها على العلاج هو عمى الألوان..!! لان المصاب به لا يحس ،ولا يعترف..!!

وفي الختام..

أسأل الله لي ولكم سداد الرأي وفيض العافية .


الأحد، ٧ سبتمبر ٢٠٠٨

عار..خمس نجوم..!!


عندما  أقف أمام ظاهرة لا إنسانية  قديمة قدم البشرية جديدة جدة توالى الأيام والساعات والدقائق يقشعر بدني تقززا  و ألما ولا أجد مهما حاولت مبررا مقنعا لها حتى في قواميس أذكى وامهر الطغاة..!!

الاعتقال السياسي يا سادة.. يا كرام .. إشهار بالإفلاس ،و جريمة آدمية متعمدة مع سبق الإصرار والترصد ،مهما زينها وجملها الحاكم  كما يزين ويجمل يجمل كعكة عيد ميلاده بالأنوار الملونة ،وباقات الزهور من حاشية المتملقين ، ومهما خلق لها المبررات والأعذار ،وحلاها بعسل حضرمي ينسكب بين الكلمات والإيماءات..!!

فتخليق الأعذار لجريمة فاضحة جزء مقيت منها يزيدها فضحا وقبحا  ،وسكب الشهد على الظلم يزيده قبحا ومرارة وألما..!!

 

أيها الحاكم ..،وفي أي مكان

 

قل لي كم معتقل بدون ذنب تحتجز في زريبة ملكك.. أقل لك كم أنت بعيد عن إنسانيتك التي فطرك الله عليها ،وكم أنت ظالم لنفسك وبني جلدتك..!!

 

أيها الحاكم ..وفي أي مكان

 

قل لي..كم روح بريئة أزهقت بعلمك أو جهلك على أيدي زبانيتك على اعتقاد انك وأنهم ،إنما تمدون في عمر بغي فان وجور زائل.. أقل لك..

كم أنت قاتل ،مهما تسلحت بكلمات رب العباد و تسترت بتخاريج الأدعياء ومهما تغنيت بأوجاع الوطن و آهات الفقراء..!!

 

كلمات قد تبدو للوهلة الأولى بديهيات من نافل القول ..يعرفها القاصي والداني..لا إثارة فيها ولا جديد ،ولا داعي للإثقال بها على صائم  أو عائم  أو نائم ..!!

ولكنها فواتير حساب دنيوية موجهة إلى كل رابض فوق الرقاب..!! تتطلب دفعا معجلا ،وان لم يكن فمؤجلا ،ولكنه أضعاف أضعاف .

 

  إن الحكمة وتأمل الحال يتطلبان من الحاكم الجائر لو شاء الإنصاف وترميم السمعة ،أن يعيد النظر وعلى وجه السرعة فيما اقترف بحق نفسه وشعبه  وأن لا يغتال بجرة من قلمه المذهب -وتحت أي ظرف- الحرية التي وهبها رب الأنام لعبده البريء ..!!

 

هناك..يرتكب عار الاعتقال السياسي وهو باطل ..مدان وقبيح..!!

وهنا يرتكب عار الاعتقال السياسي وهو أيضا باطل ..مدان وقبيح..!!

ولعلها لعنة التراشق المؤلم المستمر والممل بالباطل بين أحمقين  غطاهما القبح والعار..!!

أحدهما وهب لنفسه ومريديه ريح الجنة فاطمأن واطمأنوا..

والثاني وهب لنفسه ومشايعيه حكم التاريخ فاستراح واستراحوا..

 

نعم ..

الاعتقال السياسي ..عار حتى ولو كان في فندق خمس نجوم..!!

فما بالك لو كان في زرائب وزنازين ، وظروف غاية في الامتهان والقسوة..؟!!

هذه حقيقة واقعة كغروب شمس كل يوم..!! لا سبيل إلى تزيينها أو تبريرها أو حتى إخفائها بالابتسامات والشعارات وكثرة الرايات،

 ولن ترتجف هذه الحقيقة أو تهرب بمزيد من العسف والاعتقال..!!

ولماذا نتهم إسرائيل بجريمة اعتقالها  لعشرة آلاف معتقل سياسي ،ونحن نتبادل نفس الجريمة فيما بيننا..؟!!

 

 

لكم يا سادة ..يا كرام ..أن تتصوروا كيف يكون شعور الأم الملتاعة أو الزوجة الصابرة أو الأب العاجز أو  الأبناء الخائفين حين يجدون مكان عزيزهم شاغرا على مائدة إفطار أو سحور..!!

وللحاكم أن يتصور  حال أطفاله لو لم يعد إليهم يوما في المساء ..!!ويحس بالمآسي الشوك الذي يزرعه في صدورنا بإصرار

حتى أن تبرير الاعتقال السياسي بمنطق المعاملة بالمثل لا يقنع أحدا ،بدليل أن المعاملة الإسلامية في الحرب والسلم كانت دائما ولازالت قدوة متسامحة لمعاملات الأمم الأخرى..!!

 

ياسادة..ياكرام..

ليس هناك أفضل من أيام شهر رمضان هذه لكي يغتسل الحاكم أي حاكم من خطاياه ،ويتوب إلى الله توبة الصحو و الندم وطلب المغفرة، فيفك اسر الأبرياء من أقفاصه ودهاليزه..ويتوضأ بسعة الصدر  والرحمة لرعيته ناشرا قدر ما يستطيع العدل والأمان على الجميع..

لقد علمتنا التجارب القريبة الماضية..

أن.. "ربك لبلمرصاد" وانه "يمهل ولا يهمل"

وأن.. "لكل شيء إذا ما تم نقصان.."

وأن.."من سره زمن ساءته أزمان.."

 

وأن تجارة الخوف وان ازدهرت كاسدة..وان قهر الناس بالباطل عاقبته صاعقة..!!

فليتعظ  قبل فوات الأوان من يتعظ

 

ولله عاقبة الامور..