الثلاثاء، ٢٤ فبراير ٢٠٠٩

أيها البغيض..شكرا..!!

عندما أعود بالذاكرة إلى الوراء أربعين عاما وأقارن أفكاري القليلة الغضة الساذجة في حينه بأفكاري الآنية الشقية المزدحمة التي لا تفتأ عن الانقسام كالخلايا وتواكب العالم المتغير أجد من واجبي وبأمانة علمية محضة تقديم وافر الشكر لاعتبار بغيض خنق احلام صباي وحرمني من طفولة استحقها ..!!

فلولا ه.. ذلك المعلم القبيح الوحشي السافل الذي تعرفت عليه شخصيا عام 67 بعد أن كنت سمعت الكثير عن دمويته في صغري من والدي ومعلمي مما جعلني ارسم له في مخيلتي وكراسات الرسم صورة مسخ بأنف معقوف وذيل قرد..!!

ولولا ه.... ذلك الجندي الحاقد الشرس بطاقية حمراء والذي فرض منع التجول على مخيمنا اسبوعا من أجل كلب..!!

ثم مزقنا بالجرافات ليضمن شوارع واسعة تتنزه فيها الدبابات..!!

ولولا ه ..ذلك الكيبوتس العنصري الذي يؤمن بالديمقراطية لنفسه فقط دون العبيد والذي تفضل علينا لسنوات بالفتات من الشيمينت والليخم والمتناه وبيرة مكابي ، وسمح لنا بالتحرش بفتياته الفينو..!!

ولولا ه .. ذلك القائد جوليات الذي سخر في البداية من انتفاضة الحجارة فاصابته بمقلاع داوود في عين الاسطورة الزائفة..!!

ولولا ه.. ذلك السياسي الثعلب الذي قدم لنا لعنة أوسلو مغلفة بشيكولاتا السلطة فالتهمناها بنهم لنكتشف فيما بعد أنها مسمومة..!!

ولو لاه ..ذلك الشارون الذي داهمنا بسيفه و شدد علينا قبضته وذبح غلماننا في سهل جنين بعد أن رفض " الختيار " المحاصر أن يغمض عينه عن القدس لحظة..!!

ولولا ها ..تلك الترسانة الشائكة المتجهمة من الميركفاه بحجم منزل من طابقين وال والاباتشي التي تصطاد بفخر أصغر شامة لأصغر طفل فلسطيني والاف 16 التي تستطيع في لحظة الاجهاز على برج يسكنه الف مواطن بعد أن تدغدغه الزنانة اللعوب.. وقنابل الدايم المنضبة والمفسفرة التي قدمت لغزة كهدايا بابا نويل في عيد الميلاد..!!

لولا هذه السنوات الاربعين ال قضيتها بين مخالبه لما استطعت التمييز بين الصادق والمنافق والفاجر والتاجر ..!!

ولبقيت على عبلي كفلاح نوبي بسيط حكمت عليه الظروف أن يحد العالم بحدود الافق في قريته..!! وتحصر أقصى أمانيه في بطن وفرج ودابة مع خراريف المساء المخدرة عن أبي زيد الهلالي والزير سالم وصور كاذبة لملك أو زعيم يصفق لها ما شاء له المختار أن يصفق ..

نعم..

لولا الاحتلال.. لما عرفت التمييز بين الخيانات والمراهنات والفصائل والانشقاقات والانقلابات و الانقسامات والمهاترات و..و..

لولا الاحتلال .. لما تعلمت الشك في كل ما يدور حولي ولا نطلت علي كل السياسات الكاذبة والخبيثة التي تتوشح بكل ماهو عظيم ومقدس..!!

صحيح أن الاحتلال البغيض..سرق منى أجمل لحظات عمري وبدلها بدم تلاميذي وأصدقائي وبدموع معاناتي خوفا وألما وبضياع احلامي الخاصة في بناء كوخ صغير على تلة منسية في قرية الأجداد..!!

وصحيح أني تعرضت لاهانات كثيرة تحت رعايته واقتربت من الموت جدا في لياليه الموحشة وافتقدت حرية وهبها الله لي ولشعبي كسائر البشر .

وصحيح انه عرفني على احتلالات أخرى لا تقل عنه بغضا..!!

الا أني لا أنكر أن له الفضل الأول في تخرجي من جامعة الوعي ولو بدرجة مقبول..!!

لذا أقول له بكل البغض ...شكرا


الجمعة، ١٣ فبراير ٢٠٠٩

يميننا ويمينهم..!!

 

أحدث طبعة من الانتخابات العبرية افرزت أغلبية  ليمين قبيح  ومتطرف  في ليلة مطر وزحاليق..!!

رحب العالم الحر..!! بالنتائج وابتسم وقال : يومنا عسل  بينما أقام القيامة ولم يقعدها قبل 3 سنوات  ،عندما فاز فيه يميننا بالاغلبية،وصرخ غاضبا باعلى صوته :يومكو بصل!!

 

في رأيه أن يميننا ارهابي وخطير يجب حصاره  حتى يتوب و يعترف باسرائيل  ،   بينما يمين إسرائيل ماشاء الله خالي من العيوب وله الف تعظيم سلام..!!

فلا عنصرية ..ولا كراهية للعرب  ،ويتصرف كالملائكة..!!

صحيح أن ليميننا أخطاء وربما خطايا ،ولكن ليس إلى الحد الذي يبرر هذه المعاملة الجافة والمتحيزة..والتي ينسحب ضررها على الفلسطينيين جميعا..!!

اليمين الإسرائيلي بالنسبة للعالم  أشبه بالمحظية..

رغم انه يمين واضح كل الوضوح في عنصريتة ووحشيته وتاريخه الدموي وهو يريد التخلص من عرب فلسطين بطريقتين لا ثالث لهما القتل أو الترانسفير..!! وهو كذلك يملك عمليا القدرة على الفعل وتحت يديه ا دوات التنفيذ..!!

أما اليمين الفلسطيني فهو  أشبه بالزوجة العجوز والثرثارة..

وهو والحمد لله بمفرده جاهز نظريا للمواجهة والتحدي ورأسه وألف سيف أن لا يصلي عصر يوم غد إلا في القدس الشريف وقد تحررت كل الأمصار من الأنهار إلى البحار..!!

وعمليا فان مدى شعاراته أبعد من مدى خياراته..!!

يميننا  الله يعطيه الصحة  يقود المقاومة  بما يتوفر له من سلاح بدائي مزايدا أحيانا وبضجيج مبالغ فيه أحيانا أخرى مستغلا أن وسطنا مقطوع حيله ويسارنا في غيبوبة

ومتناسيا تاريخا طويلا ومكلفا من المقاومة كان هو فيه مجرد مشاهد..!!

  

المتغيرات الدولية ولغة المصالح وأخطاء السلاح التي ارتكبها اليمين الفلسطيني كعمليات تفجير المطاعم والحافلات .. علاوة على اخطاء اليسار الفلسطيني من قبل في خطف الطائرات كلها ساهمت عالميا في خنق المقاومة التي عرفناها منذ وعد بلفور وحتى الانتفاضة الثانية..!!

 

المرحلة التالية تتطلب طالما هناك حديث فلسطيني وعربي شامل عن ضرورة قبول التهدئه أن نجد طرقا وأساليب ابداعية جديدة للمقاومة تتلائم والظروف التي نعيش..

 

قد يتسرع متشنج مركب على شعار "بالروح بالدم" وينتقي لنا تهمة على ذوقه من قاموس التخوين  خاصته ولكن لو تبصر فيما لا يعجبه، لربما وجد انه الطريق الاوحد لملامسة قدميه الارض..!!

اللهم إلا اذا كان متأكدا تماما ،بان إسرائيل ستزول من الوجود بتعازيم على طلسم مسحور فوق حفنة من بخور ..!!

الآن

لسان حالنا نحن العامة والدهماء  يوتوت  في صمت  "ياشارد من باراك تع شوف ليبرمان..!!

وكما يقول المثل من لا يخاف لا يخوف ..واللي  عاش وشاف في غزة مش زي اللي شاهد وسمع في قطر..!!

فوصول اليمين الإسرائيلي المتطرف إلى الحكم يعجل ببداية الشوط الثاني من الحرب التي اسماها يميننا "الفرقان"..والتسمية صحيحة إلى حد كبير فنهاية حرب غزة  تعني أما الإطاحة بحماس أو الإطاحة بنتنياهو وليبرمان  قبل الأوان

وأنا اعتقد أن نتنياهو  هو الذي سيقود ملوك إسرائيل من اليمين ، قبل ليفني فائزة الانتخابات خاسرة الحرب و التي خذلها باراك ، لذا اقترح عليها أن تستغل ما تبقى من بريقها وتعمل كمذيعة مطبخ في القناة العاشرة..!!

 

اليمين الإسرائيلي قادم وبكل قوة  ،وهو يعلن أهدافه بكل وضوح وهو هذه المرة غير  مستعد لوقف إطلاق النار حتى يهدم البيت تماما ولو كلف ذلك عشرات الآلاف من القتلى الفلسطينيين فهم في نظر الأب الروحي عوفاديا يوسيف مجرد نمل وصراصير..!!

اعرف أن يميننا  قدها وقدود أو هكذا يبدو في تصريحاته ولكن

لن يجدي هذه المرة مع أضراس الحقد الديني ، والتاريخي الصهيوني الحادة الاستنجاد بامة المليار ، أو الاستجارة بالعم اردوغان  الحردان ،ولن تنفع وساطات سركوزي وضمانات امير قطر، وطبخات عمر سليمان ، وجاهات مبارك وعبدالله في مؤتمرات قمم عربية هنا أو هناك ..!!

ولن يتوقع أحد تدخل إيران عسكريا لصالحنا إلا اذا هوجمت وانقلعت عينها النووية..!! وكذلك لن يتوقع  أحد أن تهب سوريه وحزب الله لنجدتنا كما حلمنا في كانون..!!

حتى أوباما  لن يستطيع أن يفعل شيئا أمام اللوبي اليهودي الذي منحه أصوات معظم يهود أمريكا  ..!! ومن يعول على كلام الرؤساء الامريكان فانه كمن ينتظر افراغ  ماء البحر بطاقيته..!!

ورغم كل ذلك فان يميننا لا يزال كديك الحبش واثق الخطوة يمشي ملكا  لايهمه يمين العدو او يساره ،و يعتقد أن النصر قريب وعودة القدس قاب قوسين ..!!

كيف..!!

الله أعلم..

لن اخوض في أية قناعات    ،من منطلق احترامي لقناعات الاخرين  أولا ،ولعدم اضاعة الوقت في المراء ثانيا.

ولكن  أليس من الأفضل أن نواجه الشوط القادم من الحرب مجتمعين ومتفقين إن نجحت أو لم تنجح طبخة التهدئة وصفقة شاليط..!!

عمليا ستتوقف المقاومة عن المقاومة لمدة سنة ونصف أن نجحت التهدئة..

والسؤال

بم سنشتغل طوال هذه الفترة..؟!! هل سنعتني مثلا بمقاومة بعضنا البعض  أم سنلجأ إلى حياكة الصوف وشطف ارضيات الحمام ..؟!!

وفي حالة فشل التهدئه وملحقاتها لسبب أو لآخر  هل سيكتفي من يتبقى منا أحياء بوضع اليد على الخد ومشاهدة مسلسل التتاري للثنائي نتنياهو- ليبرمان  على الفضائيات..وقد احرقا غزة بكاملها ..؟!!

ممن الممكن حينئذ ان نحتفل بالنصر النهائي ،ولكن مع من..؟!!

لابد لكل عاقل منا يمينيا كان أو وسطيا أويساريا أن يفكر  في السبل الملائمة لمواجهة السيناريوهات المحتملة بدلا من الانخراط في تصنيف الناس  وتوسيع الشقة بين الإخوة..!!

ما أسهل التخوين..!! وما اتفه الرجم بالباطل كل من يخالفنا الرأي..!!

وما أقذر أن نخدع الناس بمقولات وشعارات نعرف تماما أنها محض دجل..!!

وماذا بعد..؟!!

 سينكشف  الزيف طال الوقت أم قصر ولن يبقى في الأرض إلا ما ينفع الناس

أن الدعوة في هذا الوقت بالذات إلى المصالحة بين العرب أولا والفلسطينيين ثانيا هي بمثابة فرض وطني على كل قادر وغير ذلك  يعتبر في رأيي لهوا في الوقت الضائع سندفع ثمنه المزيد من دماء ابنائنا في وقت لا تنفع فيه العنتريات الفارغة ولا الدعوات العاجزة.. !!  ،ولننتظر  كيف ستتطور أحوال قضيتنا والصراع يتجه " لليمين در"  فأحيانا  أميل إلى الاعتقاد أن التوصل إلى اتفاقات أو تهدئات أو مفاوضات  بين يميننا ويمينهم قد يكون أقرب من التوصل إليها بين يميننا و يسارهم أو العكس..!! 

 

الأربعاء، ٤ فبراير ٢٠٠٩

اللهم فاشهد...!!

بعيدا عن تناول المقبلات الإخبارية الصباحية عمن يريد أن يهدم بيت عائلة مهجور، ليبني له خربوشه..!! وعن فتح اردوغان لدافوس..!!وعن توقع هدنة طويلة يوم الجمعة..!!

شدني قبل أيام حديث إذاعي لشيخ جليل يروي فيه قصة حدثت في زمن سيدنا موسى عليه السلام ،حيث طلب قومه الغيث من ربهم كما نطلب الآن ،فلم يستسقوا ،فرجوا نبيهم أن يدعو ه لعله يقبل منه ،ففعل ، ،لكن الله زادهم حرا وعطشا وجفافا ،و لما كلم موسى من ربه عن السبب زال العجب ،عندما بلغه أن هذا العقاب إنما لوجود عاص بينهم..!!

بقية الرواية يعرفها الجميع..

المهم أن الله عاقب امة بسبب عاص ، فما بالكم ,وبالنا بعقاب الله لأمة بسبب عصاة..!!

هذا البلاء الذي نحن فيه من حصار وقتل وتدمير منذ سنوات ربما يكون غضبا إلهيا على امة بكاملها لوجود عصاة فيها حللوا لأنفسهم ما حرم الله  ،وابتغوا بالحق باطلا   وافسدوا في الأرض فانقسم العوام تحت سنابك ظلماتهم، مابين مزايد ومنافق وخائف وصابر ..!!

 في زمننا هذا قد تجد  أقواما أو جماعات ترسخت لديهم القناعات بأنهم وحدهم دون غيرهم  على جادة الصواب ،فمنهم من يعتقد أن قيادة الوطن خلقت له وخلق لها  .. فهو الزعيم الملهم الذي خصه الله حصريا بهذه الأمة ليربض بفساده وإفساده مع مواليه على صدرها حتى الموت مورثا قيادته التاريخية المهلهلة العاجزة لأشباهه وإلى الابد..!! 

ومنهم من لا يشك بأنه الهادي.. المهدي .. التقي النقي.. الذي لا يأتيه الباطل من فوق ،ولا من تحت ،وأن  وحيه وجلال سلطانه فوق كل نقد،فأخطاءه كرامات وفتنه تمكين، وكل من لا يؤمن على نحنحته ويسير في ركابه  عاص وباغ بلا جدال ،

هؤلاء وأولئك يؤمنون فقط  بما توارثوه من اجتهادات وطنية ، وتأويلات ظنية ارتقت في يقينهم المريض مع الزمن إلى مرتبة القطعية  ،مع أنهم لو تبصروا بحق ما يرون أو يفعلون لوجدوا أنهم للعصيان والبهتان أقرب..!!

ومشكلة العاصي أو العصاة بيننا انهم كما الجمل لايرى عوجة رقبته، ربما لا يدرون أن الأنا أعمتهم ، وزغللت الكراسي شهواتهم،فلم يتقوا الله فينا ،فباعوا ونهبوا وافتروا  ظلما وعدوانا تحت أعظم الشعارات وأطهرها..!!

لذا يعاقبنا الله بظلم من هم أظلم ،لأننا صمتنا ونصمت عن الحق والحقيقة موالين كنا أم مرجفين ..!!

 أن الذي عشنا ونعيش  من كابوس دموي ادعى لأن يتحسس كل امرئ منا وكل جماعة ما في البطن من عظام ..!! ،

وأن يسألوا أنفسهم في لحظة صدق مع الله والنفس التي خلق : ماذا فعلنا..؟!! وهل قربنا ذلك إلى الله شبرا أم أبعدنا عنه ميلا..؟!!

وهل جهرنا بالحق عند لزومه أو صمتنا مؤثرين السلامة في زمن لا أمن ولا أمان فيه والقوي عايب..؟!!

 

 

  كيف بالله يغفر من لا يغفل ولا ينام لمن تاجر بدمنا ودموعنا أو لمن باع نفسه للشيطان الرجيم مقابل ملاليم..؟!!

وكيف بالله يغفر الرحمن الرحيم لمن قتل عامدا متعمدا روحا بريئة  أو عذبها بحجة أو بأخرى مستغلا سوء الحال ،ثم هرول ملبيا نداء التي تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي..؟!!

أنا لا أنكر ظاهرة وجود عملاء يجب محاسبتهم بالقانون والقانون فقط  مهما كانت الظروف،ولكني بالمقابل  أستنكر كانسان وبشدة أن يذهب أبرياء ضحية  لموقف ما أو رأي مخالف بهذه الحجة أو بغيرها.!!

 و أنا مع كل الاحترام لا أصدق كل المتحدثين باسم وزارات الداخلية العربية،خاصة حين يتنصلون من جرائم قتل تحدث تحت أنوفهم..!!

فالمسئولية تقع على من يحمل أمانة صيانة رقاب الناس سواء كان هنية أم عباس..!!

أن انشغال العالم على مدى شهر بشمس الموت التي سطعت في شوارعنا لا يعني أن يبتلع الصمت ما يجري في ليلها..!!

لقد أسهبت الفضائيات والانترنت والتحليلات مشكورة في شرح تجليات انتصار نا العظيم..!! ،ولكنها جبنت مع المؤسسات الحقوقية إلا من رحم ربه عن مجرد الاقتراب من هزيمة أخلاقية وإنسانية اقترفناها ، ربما لأنها لا تريد أن تتشوه الصورة التي رسمتها للعالم بعناية ،أو ألجمها الخوف..!!

  

كنت ولازلت..،بل تعمق لدي الاعتقاد أن الله لم ولن يفرجها علينا  إلا إذا افر جناها على أنفسنا..!!

والله لا يغير ما بقوم إلا أن يغيروا ما بأنفسهم..

فبعد الانتفاضة الأولى ،وبرغم القافلة المثقلة بالدم والاعتقال لم يكن الله معنا ، فوجدنا أنفسنا ببساطة نقبض ريح السنوات الطوال ، لفساد زعاماتنا ،ولما زرعنا من خطايا بحق أناس.. اتهمنا معظمهم بما ليس فيهم كيدا أو نكاية أو تصفية حساب..!!وكنا القاضي والجلاد ،فحصدنا غضبا من الله ومن ذويهم بغضا وكراهية اشد مما لدى بني قريضة تجاه النبي ص..!!

 

كان يكفي أن يقوم حاسد أو حاقد باتهام جاره بالعمالة ، فيختطف ويعذب حتى الموت بتسييح البرابيش على جسده أو بدق المسامير في قدميه..!! تاركا وراءه اعترافات ملفقة وعارا ظالما لا يمحي..!!

والخطايا هذه لها دور واضح في ولادة خطايا أكبر يدفع تمنها الابرياء الآن.

 

،ثم لم يكن الله معنا بعد أوسلوا ،لأننا زهونا بالفتات ،فافترينا وعربدنا ،واغتصبنا ،واعتقلنا ،وعذبنا ،وأكلنا الحقوق بالباطل ..!!

 

ولم يكن معنا كذلك بعد الانتفاضة الثانية ،لأننا لم نكن مع أنفسنا ،وقضيتنا ،ووصايا أجدادنا ،بل تغلبت علينا شهواتنا وأجنداتنا و تفاهاتنا ،ولم تكن الاتفاقات من القاهرة إلى مكة كافية لتعيدنا إلى جذورنا،فصحونا ذات ليل على مستنقع من الدم الأخوي ،لنرى أن  الوطن أصبح وطنين والكرسي كرسيين والحكومة حكومتين..!!

ثم داهمنا من هم أقوى منا وأظلم ،بعد أن توعدونا بمحرقة وتوعدناهم بزلزلة ،فقتلوا وأصابوا ودمروا كما التتار،ومع ذلك لملمنا جراحنا النازفة ، وقلنا رب ضارة نافعة لعلنا ننتصر بها رجوعا إلى فلسطينيتنا الواحدة ، لكننا ازددنا استكبارا، وعلونا تشاتما وتناطحا وتمزقا،وكل منا يكايد غريمه صائحا : الله معنا..!!

 

كيف يكون الله معنا.. ونحن لم نكن معه..؟!!

وكيف يتجرأ كل قابيل منا ، أن يتضرع متبتلا،و يطلب رحمات ربه في المحنة ،ولا تزال آثار الحناء على راحتيه من دم أخيه..!!

ترى كم كبيرة ارتكبنا ،وكم كعبة هدمنا ،وعلى كم جريمة صمتنا..؟!!

ترى كيف نقنع الآخرين بحقوقنا  ،ونحن نغتال حق  الحياة للبعض بيننا..؟!!

وهل يحق لأي امرئ  مهما كان أن يقدم الموت لأخيه بسهولة تدخين سيجارة  أو شرب زجاجة عصير ، ومن وراء ظهر القضاء ..؟!!

ألهذا الحد فقدنا احترامنا لحياة غرسها الله ورعاها فقصفناها  بلا مبالاة كعود حطب يابس في خربة مهملة..؟!!

أسئلة لم تتولد لدي من افتراء واتهام بالباطل  ،بل علمتها والناس من وكالة رويتر وغيرها من الجهات الإخبارية والحقوقية المحايدة..!!  

أسئلة لا أخص بها أحدا أو لونا أو جهة بعينها  وإنما ارشقها  في وجه كل من تجرد من إنسانيته ،ودا س خلقة الله بدون وجه حق...!!

 

ارشقها بلا مواربة في وجوهنا جميعا  ..فكلنا مدانون.. وكلنا مشاركون آثمون أما بالفعل أو الصمت ،ولسوف يدرك "الشيطان الأخرس" في  كل منا الحساب لا محالة..!!

 

أعداد وأسماء وصور تمر من أمامي اختلطت حروفها وملامحها بدم  طاهر  تعددت فيها الروايات والأسباب لموت واحد،وفقد واحد لا ،ولن تعوضه كل الاعتذارات أو الديات ..!!

 

والله لا أكاد افرق بين نحيب أم فقدت ابنها تحت القصف وأخرى فقدته بنيران صديقة..!!

والله لا أكاد أميز بين حرمان طفل فقد أهله في ليلة مفسفرة وحرمان طفل فقد أبيه برصاصة غادرة..!!

والله لا أكاد أميز بين شاب طارت الشظايا بساعديه ،وآخر حطت الهدايا في ركبتيه..!!

اللهم إنا نبرأ إليك ممن اختطف  و عذب  و قتل  ..!!

اللهم إنا نبرأ إليك من أولئك في جناحي الوطن على السواء ،ولا تأخذنا بذنوبهم، ففينا الرضع والرتع والركع ..!!

اللهم ارحمنا بمبادرة سخية تقرب النفوس الشقية  ،وتلين الرؤوس العصية ،وتعيد إلينا وحدة الوطن والهم والهدف..!!

اللهم ألهمنا المؤآخاة  الحقة من جديد ، وامنحنا الشجاعة كي نعترف بخطايانا ،لعل الصخرة التي تغلق باب نجاتنا تنفرج قليلا

 واعف عنا  يا الله فلا مجير ولا نصير إلا أنت..!!

اللهم إني قد بلغت..اللهم فاشهد..!!